جريدة البديل السياسي -بقلم : حليمة صومعي.
في مدينة بني ملال، كما في مدن أخرى، يتجلى بوضوح حجم الفجوة بين الشباب والأحزاب السياسية. في المقاهي الشعبية، وفي ساحة المسيرة، وعلى مواقع التواصل، تتكرر نفس العبارات: “الأحزاب ما كتقدم والو..”، “السياسة غير وعود خاوية..”.
هذه المواقف لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة سنوات من الخيبات، حيث لم يلمس الشباب أي تغيير حقيقي في واقعهم اليومي. خلال جولة ميدانية وحوار مع بعض المواطنين في شوارع بني ملال، كان واضحاً أن الإحباط بلغ مداه. شاب في العشرينات قال: “عمرهم ما فكروا في الشباب، غير وعود فالانتخابات وبس..”.
فيما أضافت طالبة جامعية: “حنا محتاجين تكوين وفرص عمل، ماشي خطابات فارغة”. أما أحد التجار الصغار في السوق، فقد لخص الأمر قائلاً: “السياسة بعيدة على همومنا.. حنا غير كنحاولوا نعيشوا يوم بيوم”. هذه الشهادات تعكس واقعاً ملموساً: شباب المدينة يشعرون أن السياسة لا تمثلهم، وأن الأحزاب لم تعد قادرة على التجاوب مع حاجياتهم. ورغم ذلك، يبدعون في البحث عن بدائل خارج الإطار الحزبي، من مبادرات تطوعية وأنشطة جمعوية، إلى حملات رقمية وحركات احتجاجية للتعبير عن مطالبهم.
الواضح أن الأحزاب في بني ملال، كما في غيرها من المدن، مطالَبة بإعادة النظر في أسلوبها، وفتح الباب فعلياً أمام الشباب، لا أن تكتفي بالشعارات.
جيل اليوم لا ينتظر دعوات للاستهلاك الإعلامي، بل يبحث عن فعل ملموس يغير حياته: تعليم في مستوى جيد، فرص عمل تحفظ الكرامة، وبنية اجتماعية تعكس العدالة
. إن استمرار هذا الوضع يعني أن الشباب سيواصلون بناء بدائلهم بعيداً عن الأحزاب، وهو ما يهدد بدفع هذه الأخيرة أكثر نحو العزلة.
إما أن تُثبت الأحزاب في بني ملال والمغرب عموماً أنها قادرة على التجدد والتغيير، أو ستترك الساحة لجيل جديد يفرض حضوره بطرق مختلفة، أكثر جرأة وحيوية
تعليقات
0