الجماعات الترابية

إقليم سيدي بنور: مأساة المستوصف الصحي في جماعة أولاد عمران – دورة استثنائية تكشف واقعاً مؤلما.

نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي.

في 14 نوفمبر 2024، عُقدت الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة أولاد عمران، حيث تركزت النقاشات على مجموعة من القضايا ذات الصلة المباشرة بحياة المواطنين في المنطقة.

ورغم بعض القرارات الإيجابية التي تم طرحها في الاجتماع، إلا أن الموضوع الأكثر إيلاماً كان “الوضع الصحي” في الجماعة، وبالخصوص حال المستوصف الصحي في مركز أولاد عمران.

الحضور الذي شمل ممثلين عن السلطات المحلية ووزارتي الصحة والتربية الوطنية، خرج بتناقضات بين الأمل في الإصلاح والإحباط من الواقع القاسي الذي يعيشه سكان المنطقة.

جدول أعمال الدورة: تعديل مشروع اتفاقية تأهيل المجزرة الجماعية: تم تعديل وتبني اتفاقية تأهيل المجزرة الجماعية بمركز أولاد عمران، وهي خطوة تهدف إلى تحسين شروط الذبح والتعامل مع النفايات، بما يضمن مراعاة المعايير الصحية والسلامة العامة.

اتفاقية شراكة مع نادي الشباب الرياضي: تم مناقشة وتقديم اتفاقية شراكة مع النادي الرياضي المحلي، التي تشمل دعم النادي بسيارة نقل وملعب قرب، مما يعزز الأنشطة الرياضية في المنطقة.

تفويت الدور السكنية للموظفين: تم الاتفاق على تفويت الدور السكنية التابعة للجماعة إلى الموظفين العاملين في المنطقة، وهو قرار من شأنه تحسين ظروف سكنهم ورفع مستوى رضاهم الوظيفي.

الوضع الصحي في أولاد عمران: مأساة مستمرة بينما تطرقت الدورة إلى عدة مشاريع تعكس الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، كان الموضوع الصحي هو الأكثر إيلاماً، حيث عرضت الساكنة معاناتها المستمرة في المستوصف الصحي المحلي، الذي أصبح يُلقب “مستوصف قلة الصحة” أو حتى “الإسطبل” كما وصفه بعض أعضاء المجلس. فالمستوصف، الذي كان من المفترض أن يكون نقطة أمل لسكان المنطقة، تحول إلى مصدر معاناة حقيقية بسبب نقص الأطباء، الأدوية، والمعدات الطبية الأساسية.

وفقاً لتصريحات الساكنة، لا يحضر الطبيب إلا مرة واحدة في الأسبوع، بينما يُغلق المستوصف في بعض الأحيان بسبب غياب الموظفين أو نقص الأدوية. هذا الوضع القاسي دفع السكان إلى التشبيه بين المستوصف والإسطبلات، حيث لا يتوفر الحد الأدنى من الرعاية الصحية اللازمة.

في المقابل، أكدت وزارة الصحة في ردها الرسمي على مراسلات رئيس الجماعة، والبرلماني عبد الكريم أمين، أن المستوصف في “حالة جيدة” وأن التجهيزات والأدوية متوفرة، وهو ما يتناقض تماماً مع واقع الحال الذي يعكسه المواطنون.

العديد من الوعود، ولكن غياب الحلول الفعالة رغم التوجيهات والشكاوى المتكررة من رئيس الجماعة إلى وزارة الصحة، والتي لم تلقَ سوى ردود شكلية تنفي المشاكل الموجودة في المستوصف، فإن الواقع يبقى مغايراً تماماً. فالسكان لا يجدون الأدوية، ويُضطرون إلى التنقل إلى مستشفيات بعيدة في ظل غياب سيارات الإسعاف، التي تم سحبها من المستوصف لأسباب غير معلومة.

من جانبه، أكد رئيس الجماعة عبد الكريم أمين أن الوضع الصحي في أولاد عمران يمثل أكبر تحدٍ يواجه المجلس والجماعة بأسرها، ودعا إلى تدخل عاجل من الوزارة لتوفير الأدوية بشكل مستمر، وزيادة عدد الأطباء لتلبية احتياجات السكان.

كما أشار إلى الحاجة الماسة لإيجاد حل عاجل لتوفير سيارة إسعاف جديدة بدلاً من التي تم سحبها.

. التعليم والفوضى: معاناة مزدوجة إلى جانب الوضع الصحي، شكل القطاع التعليمي أحد أبرز القضايا التي أثارها المجلس خلال الدورة الاستثنائية.

فقد تم التطرق إلى المشاريع التعليمية المتعثرة، مثل ثانوية فاروق التي كان من المقرر أن تنتهي أعمال إنشائها منذ عام 2021، لكنها ما زالت لم تكتمل. بالإضافة إلى غياب المرافق الصحية في المدارس، ما يضطر الطلاب إلى التوجه إلى الخلاء لتلبية حاجاتهم، مما يعكس إهمالاً شديداً في توفير أبسط حقوقهم الإنسانية. كما تعاني المدارس من نقص حاد في الأطر التعليمية في المواد الأساسية مثل الرياضيات، اللغة العربية، التربية البدنية، وغيرها، ما يؤدي إلى ضعف مستوى التحصيل العلمي. ولم تقتصر المشاكل على نقص الأطر، بل امتدت إلى الانفلات الأمني داخل الثانويات، مما يزيد من تعقيد الوضع التعليمي ويؤثر سلباً على تركيز الطلاب وقدرتهم على التحصيل العلمي.

التدخل العاجل ضروري لإنقاذ الموقف إن الوضع الصحي المتدهور، إلى جانب تردي الظروف التعليمية في جماعة أولاد عمران، يتطلب تدخلاً سريعاً من السلطات المعنية. فمع استمرار غياب الأدوية والمعدات الطبية في المستوصفات، والتأخير في إنجاز المشاريع التعليمية، يشعر المواطنون بأنهم يعيشون في منطقة مهمشة تُستثنى من أبسط الحقوق الأساسية. وعلى وزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية أن تتحملا مسؤولياتهما بشكل عاجل، لتوفير التجهيزات الطبية اللازمة في المستوصفات، وزيادة الأطر التعليمية وتحسين البنية التحتية في المدارس.

إن “مأساة” المستوصف الصحي في أولاد عمران، إلى جانب الأوضاع في القطاع التعليمي، تمثل دعوة عاجلة للمسؤولين في الحكومة لإيجاد حلول واقعية وفعالة تضمن تحسين ظروف الحياة للمواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية في المناطق النائية.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار