جريدة البديل السياسي |غير مصنف

إقليم سيدي بنور : بني تسريس… حيث تُغتال التنمية على عتبة الزبونية وتُدفن المشاريع في مقابر الولاءات

521603820_738775745747193_4996012808454014027_n

 جريدة البديل السياسي- نورالدين عمار.

في جماعة بني تسريس، لم يعد المواطن البسيط يسأل: متى ستتحقق التنمية؟ بل أصبح يسأل بمرارة: من يمنعها؟ ولماذا؟ حين تُصبح المشاريع العمومية سلعة تُمنح للأوفياء وتُحجب عن “أبناء الهامش السياسي”، فنحن أمام وضع مفضوح يتطلب تدخّلًا عاجلًا، لا تبريرًا مائعا. الطريق الرابط بين الطريق الجماعية أولاد امعيز ومدرسة الهواسكة، مرورًا بالمحارير ومدرسة أولاد ناصر، إضافة إلى الطريق التي تصل أولاد امعيز بدوار المريحات عبر الكرابة ومدرستها…

مشاريع كانت مبرمجة، مدرجة، موقعة… لكنها اختفت فجأة من لائحة التنفيذ، دون مبررات تقنية، أو ملاحظات محاسباتية، أو حتى ملاحظات من لجن التفتيش. اختفت فقط لأن ساكنتها لا تنتمي لدائرة الولاء السياسي المحظوظ.

ما نعيشه اليوم ليس “تدبيرًا”، بل عبث واستهتار بالمرفق العمومي. فالمشاريع التي خُطط لها بالمال العام، تحوّل مسارها لرئيس الجماعي ليمنحها لمناطق أخرى تُرضي حساباته المستقبلية، أو تخدم حملاته الانتخابية المبطنة. في سابقة غريبة، يُقال للمواطنين: “جيو عند الرئيس، طلبو منّو باش يدير ليكم الطريق.”

هل أصبحت التنمية مشروطة بـ”طلب الولاء”؟ هل تحوّل المال العمومي إلى أداة ابتزاز سياسي ناعم؟ وهل يحق للرئيس – وهو المسؤول الأول – أن يباشر حملة انتخابية سابقة لأوانها جهارًا نهارًا، عبر تقديم مشاريع وهمية على أنها منّة شخصية؟ حسب تصريح النائب الأول للرئيس – الذي يُفترض أن يكون على علم بالتفاصيل – فإن ما يجري اليوم لا يمكن فهمه إلا في إطار “تهيئة الأرضية الانتخابية المبكرة”. وهنا نطرح السؤال بوضوح: أين المفتشية العامة للإدارة الترابية (IGAT)؟ أين المجلس الجهوي للحسابات؟

أين سلطة الوصاية (السيد العامل) التي توصّلت بمراسلة رسمية من أعضاء المجلس تُنبه إلى هذه الممارسات؟ أين النيابة العامة، ما دامت هناك شبهة استعمال المال العام في حملات انتخابية مغلفة بمشاريع؟ أما المركب الاقتصادي الذي بُشر به المواطنون، فقد أصبح مثل “سراب التنمية” في بني تسريس.

لا وجود له على الأرض، ولا أثر له سوى في الاجتماعات والتصريحات التي تُكتب للكاميرا وتُنسى في الواقع. فهل نحن أمام مخطط تنموي وهمي؟ أم مسرحية بإخراج انتخابي؟ بصوت مرتفع، نُخاطب الجهات التالية: وزارة الداخلية باعتبارها وصية على الجماعات، يجب أن تبعث بلجنة افتحاص عاجلة للتحقيق في برمجة المشاريع وتحويلها المشبوه.

. المفتشية العامة للإدارة الترابية، وجب النزول إلى الميدان، والاستماع إلى شكايات الساكنة، وفتح ملف التنقيلات العشوائية للمشاريع.

المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، للتحقيق في مدى احترام المساطر المالية والبرمجة التشاركية. النيابة العامة، لفتح تحقيق حول استعمال المال العمومي لأغراض انتخابية محتملة، كما ورد على لسان نائب الرئيس.

. المجتمع المدني والإعلام الوطني، ليحمل المشعل ويكشف المستور، حماية لحقوق الساكنة ودفاعًا عن الكرامة الجماعية. نحن أمام تحريف واضح لمبادئ الدستور، وانحراف عن أهداف التنمية البشرية، وسوء استعمال للسلطة العمومية في أوضح صورها.

السكوت عن هذا الوضع هو تواطؤ غير مباشر. وكل تأخير في التحقيق، هو تعميق للجراح. ومَن يضع المصلحة العامة خلف ظهره، يجب أن يُسائل قانونيًا، أخلاقيًا، وسياسيًا.

فإما أن نكون أمام دولة مؤسسات، وإما أمام “جماعة تُدار بعقلية القنطرة”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي