البديل الوطني

إقليم سيدي بنور : الكلية المتعددة التخصصات بسيدي بنور: رهان على المستقبل وتخفيف العبء عن الأسر الفقيرة.

 نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي .

لطالما كان حلم إنشاء كلية متعددة التخصصات في إقليم سيدي بنور من المشاريع التعليمية الكبرى التي تطلع إليها السكان في المنطقة.

إذ يُعتبر هذا المشروع ركيزة أساسية لتحسين واقع التعليم العالي وتخفيف الأعباء المالية عن الأسر الفقيرة التي تعاني من ارتفاع تكاليف التعليم الجامعي. إلا أن القرار المفاجئ الذي اتخذته الحكومة السابقة بسحب الاعتماد المالي للمشروع بعد أن قطع شوطًا كبيرًا من التحضيرات، ألقى بظلاله على الآمال المنتظرة.

ومع تعيين الوزير عز الدين الميداوي على رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، انتعشت آمال الساكنة في إمكانية إعادة إحياء المشروع، وهو ما يفتح باب النقاش حول الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الكلية في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة.

حلمٌ لم يتحقق بعد: الكلية المتعددة التخصصات بسيدي بنور منذ أن تم تحديد البقعة الأرضية التي سيُشيد عليها المشروع، والموافقة على التصاميم وتوفير الرخص اللازمة، كانت الكلية المتعددة التخصصات بسيدي بنور تشكل أملًا كبيرًا بالنسبة للعديد من الأسر في الإقليم.

إذ كان من المفترض أن يُسهم المشروع في توفير التعليم العالي لأبناء المنطقة، وبالتالي تقليص الفوارق بين سيدي بنور والمدن الكبرى التي تستحوذ على أغلب المؤسسات الجامعية.

لكن ما حدث كان مفاجئًا عندما قررت وزارة التعليم العالي في عهد الوزير السابق عبد اللطيف ميراوي سحب الاعتماد المالي، مما أدى إلى تجميد المشروع الذي كان يُنتظر بفارغ الصبر. الكلية بين الأمل والتجميد: آثار القرار على الأسر الفقيرة إلغاء الاعتماد المالي للمشروع كان بمثابة ضربة قاصمة لأحلام الشباب وأسرهم في إقليم سيدي بنور. فمعظم أسر المنطقة، التي تعاني من ضعف الإمكانيات المالية، تجد صعوبة كبيرة في تأمين تكاليف التعليم الجامعي في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، مراكش، أو الجديدة.

هذه المدن تبعد عن سيدي بنور ما بين 100 إلى 150 كيلومترًا، ما يجعل تكلفة التنقل والإقامة عبئًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المحدود، التي غالبًا ما تعتمد على الزراعة أو المهن غير المستقرة كمصادر دخلها الرئيسية.

كانت الكلية المنتظرة تمثل الأمل في تقليص هذه التكاليف وتحقيق التعليم الجامعي القريب والميسر لشباب المنطقة.

بوجود الكلية، كان من المتوقع أن يساهم المشروع في تطوير مهارات أبناء الإقليم في تخصصات مختلفة، وبالتالي تزويدهم بفرص عمل أفضل. علاوة على ذلك، كان للمشروع تأثير إيجابي على تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال خلق فرص عمل جديدة في مجالات متنوعة كالتدريس، والإدارة، والصيانة، والخدمات.

ومن هنا، فإن تجميد المشروع قد أضاع فرصة حقيقية لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية للإقليم: الحاجة إلى التعليم العالي يعيش إقليم سيدي بنور في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، إذ تُعد المنطقة من بين الأقاليم التي تعاني من معدلات الفقر والبطالة المرتفعة، إلى جانب التأثيرات السلبية للجفاف وتراجع الإنتاج الفلاحي الذي يعد مصدر دخل أساسي لأسر الإقليم.

وقد أدى هذا الوضع إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مما جعل من الصعب على العديد من العائلات دفع تكاليف التعليم الجامعي لأبنائها، سواء من حيث التنقل أو الإقامة أو حتى توفير المستلزمات الدراسية.

في هذا السياق، كان من المتوقع أن تساهم الكلية المتعددة التخصصات في حل جزء من هذه المشاكل، بتوفير تعليم عالٍ محلي بأسعار معقولة وتقليص الفوارق بين المدن الكبرى والقرى والأقاليم النائية. بوجود الكلية، كان بإمكان الطلبة متابعة دراستهم الجامعية دون الحاجة إلى مغادرة مناطقهم، مما سيخفف الضغط على الأسر ويعزز من فرص تنمية الإقليم على المدى الطويل.

الفرصة الضائعة: هل يمكن إعادة إحياء المشروع؟ يُعد تعيين السيد عز الدين الميداوي وزيرًا للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار فرصة لإعادة النظر في قرار تجميد المشروع. فقد أظهر التعديل الوزاري الأخير آمالًا جديدة في إمكانية استئناف المشروع، خاصة في ظل الحديث عن إعادة النظر في السياسة التعليمية وتوسيع شبكة الجامعات في المناطق النائية. وإقليم سيدي بنور، الذي يعاني من نقص حاد في المؤسسات التعليمية الجامعية، يحتاج بشدة إلى هذه البنية التحتية التي ستسهم في رفع مستوى التعليم في المنطقة.

كما أن قرار تجميد المشروع لم يُقابل بالرضا من قبل الكثير من الفاعلين المحليين، الذين يعتبرون أن هذه الخطوة قد أضاعت فرصة حقيقية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. فالإقليم يُعاني بشكل خاص من قلة فرص العمل لشبابه، ويراهن على التعليم العالي كمفتاح لتحسين هذه الفرص.

لذا، يبقى السؤال الأهم: هل ستجد الحكومة الجديدة الإرادة السياسية لإحياء المشروع وضمان تمويله؟ مناقشة مستفيضة حول دور البرلمان في إحياء المشروع في الوقت الذي ينتظر فيه الإقليم استجابة من الحكومة لإعادة إحياء المشروع، من المهم أن يلعب النواب البرلمانيون المحليون دورًا فعالًا في الدفاع عن هذا الملف. فقد تقدم النائب عبد الفتاح عمار من فريق الأصالة والمعاصرة، بسؤال كتابي إلى وزير التعليم العالي حول الأسباب التي أدت إلى تجميد المشروع، مطالبًا بتوضيح موقف الوزارة وما إذا كان هناك نية لإعادة إحياء المشروع في المستقبل القريب.

وفي هذا الصدد، يجب على ممثلي الإقليم في البرلمان أن يبذلوا جهدًا أكبر في الترافع حول ضرورة تخصيص التمويل اللازم للمشروع، وضمان إدراجه ضمن البرامج المستقبلية للوزارة.

فالتعاون بين مختلف الأطراف، من الوزارة إلى المنتخبين المحليين والمجتمع المدني، يعد مفتاحًا رئيسيًا لضمان تنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي يمثل رهانًا كبيرًا للمستقبل.

الكلية المتعددة التخصصات كسلاح للتنمية إن مشروع الكلية المتعددة التخصصات في سيدي بنور ليس مجرد مشروع تعليمي، بل هو عنصر أساسي في استراتيجية التنمية المحلية للإقليم. في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الإقليم، فإن إعادة إحياء هذا المشروع سيشكل خطوة كبيرة نحو تحسين الوضع المعيشي للساكنة، وتوفير فرص التعليم العالي لأبناء المنطقة بتكلفة معقولة.

من هنا، يجب أن يكون هناك التزام حكومي قوي بإعادة المشروع إلى الواجهة، وتوفير التمويل اللازم له في أقرب وقت، لضمان تحقيق الفائدة الكبرى للجيل القادم في سيدي بنور.

 

 

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار