جريدة البديل السياسي – فاطمة حيدة
شهدت تازة، صبيحة يوم عيد الأضحى، فاجعة هزت حي الشهداء، بعد إقدام أستاذة متدربة على الانتحار بتناولها مادة سامة أودت بحياتها مباشرة بعد نقلها إلى المستشفى الإقليمي ابن باجة، وأمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالمدينة بإجراء تشريح لجثة الهالكة، مع تكليف الشرطة القضائية بإجراء بحث حول ظروف وملابسات الحادث.
وأفادت مصادر مقربة من عائلة الأستاذة المتدربة «ملاك.ح» بأن هذه الأخيرة كانت تتابع دراستها في السنة الثانية من شعبة الفرنسية السلك الثاني بالمدرسة العليا للتربية والتكوين التابعة لجامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة، وعادت إلى منزلها قبل أسبوع من عيد الأضحى في وضعية نفسية صعبة، حيث أحالتها أسرتها على طبيب خاص وصف لها بعض الأدوية للعلاج، لكن صباح يوم السبت، الذي صادف عيد الأضحى، فوجئت والدتها بتدهور حالتها الصحية، ودخولها في حالة غيبوبة مع خروج دم ورغوة بيضاء من فمها، وبعد نقلها إلى المستشفى الإقليمي ابن باجة في وضعية صحية حرجة، لم يتمكن الطاقم الطبي من إنقاذ حياتها، وتبين، من خلال المعاينات الأولية، أنها تناولت مادة سامة. وبعد إشعار النيابة العامة، أمر الوكيل العام للملك بإجراء تشريح لجثة الهالكة، حيث تم نقلها، صباح أول أمس الأحد، إلى المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بمدينة فاس، لإجراء التشريح لتحديد الأسباب الحقيقية للوفاة، كما أعطت النيابة العامة تعليماتها للشرطة القضائية لإجراء بحث في الموضوع.
واتصلت «الأخبار» بالعديد من زملاء وصديقات مقربات من الأستاذة المتدربة، قدموا رواية متطابقة لما عاشته هذه الأخيرة من ضغوطات نفسية بعد تكليفها بحراسة امتحانات الباكالوريا بثانوية القدس بمدينة القنيطرة يومي 25 و26 ماي الماضي. وحسب المصادر ذاتها، فإن هذه الطالبة كانت ضمن قائمة الحراس الاحتياطيين، قبل أن يتم استدعاؤها في آخر لحظة من قبل إدارة الثانوية لتعويض غياب أحد المكلفين بالحراسة، وخلال قيامها بمهام الحراسة اتهمها أستاذ كان يحرس معها بتمكين التلاميذ من الغش وتسهيله عليهم، وقال لها «غادي نخرج عليك»، ما أصابها بحالة من الخوف والهلع، خاصة أنها كانت تمر بحالة نفسية صعبة منذ وفاة والدها، ما تسبب في عدم استكمال دراستها بالأقسام التحضيرية للمدارس والمعاهد العليا، بعدما كان لها مسار دراسي متميز.
وأفادت المصادر ذاتها بأن الطالبة غادرت مركز الامتحان في حالة نفسية وصفت بـ«الهستيرية»، وذلك بتسلقها للجدار المحيط بالمؤسسة التعليمية بعد محاولة منعها من طرف حارس عام الثانوية، وهو ما يطرح تساؤلات حول طبيعة الظروف التي مرت بها خلال أداء مهمتها في ظل حديث يروج وسط زملائها بكونها تعرضت لضغوطات نفسية تفوق قدرتها على التحمل داخل قاعة الامتحان، كما تُطرح تساؤلات حول مدى قانونية تكليف طالبة متدربة بحراسة الامتحانات الإشهادية للباكالوريا.
وأكدت إحدى الصديقات المقربات من الهالكة أن هذه الأخيرة خرجت من الثانوية في حالة نفسية صعبة وتوجهت مباشرة إلى مركز تجاري بالقرب من المعهد الملكي للشرطة، واقتنت ملابس جديدة، وبعد عودتها إلى الحي الجامعي الذي كانت تقيم به بالقرب من مدرسة الأستاذة، حاولت رمي نفسها من نافذة غرفة بالطابق الرابع، وأكد مصدر من إدارة الحي هذه الواقعة، موضحا، في اتصال مع «الأخبار»، أن الإدارة قامت بتغيير غرفتها إلى الطابق السفلي، وأخبرت عائلتها بضرورة الحضور العاجل، نظرا للحالة التي كانت عليها هذه الطالبة، وفي اليوم الموالي حضرت والدتها التي رافقتها إلى مقر سكناها بمدينة تازة، إلى أن فارقت الحياة.
هذا ويطالب زملاء وأصدقاء الطالبة بفتح تحقيق شامل حول ظروف وملابسات وفاتها التي خلفت حزنا كبيرا في أوساطهم، وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق إن وجدت، حتى لا تتكرر مثل هذه الفواجع التي تهز المجتمع وتترك جرحا غائرا في قلب المنظومة التربوية، مؤكدين أن هذا الحادث المأساوي يعيد إلى الواجهة الجدل حول مدى صواب وقانونية قرار الاستعانة بالطلبة، الذين لا يزالون في طور التكوين، لتحمل مسؤولية جسيمة وحساسة من قبيل حراسة امتحانات البكالوريا، بكل ما يرافقها من توتر وضغط نفسي شديد، وهي مسؤولية تتطلب خبرة وتجربة كبيرتين في التعامل مع مختلف المواقف الطارئة.
تعليقات
0