جريدة البديل السياسي -إعداد: محمد الحدوشي .
في خطوة تروم الإسهام في تنزيل مقتضيات قانون العقوبات البديلة وتكريس مقاربة جديدة للعدالة الجنائية، احتضنت محكمة الاستئناف بالناظور، يوم الأربعاء 25 يونيو 2025، يوماً دراسياً تحت شعار: “العقوبات البديلة: نحو تصور جديد للعدالة الجنائية بالمغرب”، وذلك بمبادرة من النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف، وبشراكة مع رئاسة المحكمة.
اليوم الدراسي، الذي انطلق على الساعة الواحدة بعد الزوال، افتُتح بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها عزف النشيد الوطني، قبل أن يتناول الكلمة السيد عبد المجيد منصف، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالناظور، الذي أكد على أهمية الانخراط الجماعي في هذا الورش التشريعي، باعتباره أحد أعمدة إصلاح السياسة الجنائية بالمملكة.
من جانبه، شدد السيد عبد الغني الطيبات، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، على أن العقوبات البديلة تشكل تحولا نوعيًا في المنظومة الزجرية، يراهن عليه لضمان عدالة أكثر نجاعة وإنسانية، تتماشى مع المواثيق الدولية ومع المقتضيات الدستورية للمملكة.
وقد عرف اللقاء مشاركة نخبة من القضاة، وأعضاء النيابة العامة، ومحامين، ومسؤولين عن المؤسسة السجنية، وأساتذة جامعيين، حيث توزعت المداخلات حول مجموعة من المحاور القانونية والتطبيقية ذات الصلة بالعقوبات البديلة. استهلت المداخلات بكلمة السيد أحمد ميدة، رئيس المحكمة الابتدائية بالناظور، حول “دور محكمة الموضوع في تنزيل وتفعيل العقوبات البديلة”، تلتها مداخلة السيد ياسين الصنهاجي، نائب وكيل الملك بابتدائية الناظور، الذي تناول “الأدوار الجديدة للنيابة العامة”، ثم السيد جلال شعطوف، قاضي تطبيق العقوبات بابتدائية الدريوش، الذي تناول “صلاحيات قاضي تطبيق العقوبة في ظل القانون الجديد”.
كما عرفت الندوة مداخلة الأستاذ سليمان بوراس، محام بهيئة الناظور الحسيمة، حول “دور الدفاع في تنزيل مقتضيات قانون العقوبات البديلة”، بالإضافة إلى مداخلة السيد فؤاد الزمراني، مدير السجن المحلي بالناظور، الذي عرض تصور المؤسسة السجنية لتفعيل هذه العقوبات في ظل الإكراهات الواقعية.
وفي مداخلة علمية نوعية، عبّر الدكتور أحمد خرطة، أستاذ التعليم العالي بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، عن أهمية الموضوع، واصفًا إياه بأنه “يحمل من الأهمية ما يجعله في صلب رهانات إصلاح العدالة الجنائية، خصوصًا في ظل ما ينص عليه دستور المملكة من مبادئ كرامة الإنسان وضمان حقوقه”.
وأكد الدكتور خرطة على ضرورة الانخراط الأكاديمي والمؤسساتي في إنجاح هذا الورش الوطني، قبل أن يثير تساؤلات مشروعة حول “مدى توفر الإمكانيات اللوجستية والبشرية داخل إدارة السجون والمؤسسات المعنية لضمان تنزيل فعلي وفعال لهذا التصور الجديد”، داعيًا إلى تكامل الجهود وتوسيع قاعدة التكوين والتوعية القانونية.
كما عرفت الندوة حضور مجموعة من الشخصيات القانونية والمهتمين بالشأن القضائي، بالإضافة إلى طلبة الماستر بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، الذين شكلت مشاركتهم قيمة مضافة للنقاش، وأكدت على أهمية إشراك الأجيال القادمة من الممارسين والباحثين في أوراش إصلاح العدالة.
وقد اختُتم اليوم الدراسي بتلاوة مجموعة من الخلاصات والتوصيات، التي ركزت على ضرورة تعزيز التكوين والتنسيق بين مختلف المتدخلين، والانفتاح على مكونات المجتمع المدني. ويأتي هذا اللقاء تأكيدًا على التزام محكمة الاستئناف بالناظور ببناء عدالة جنائية حديثة وفعالة، قائمة على التوازن بين الزجر والإصلاح، في انسجام مع المبادئ الدستورية والمواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة.
تعليقات
0