جريدة البديل السياسي
عملية دقيقة نفّذتها البحرية الكولومبية في ميناء بوينافينتورا، أكبر بوابة بحرية على ساحل المحيط الهادئ، تمكّن فريق متخصص في الغطس العسكري من اكتشاف سبعة رزم كبيرة من الكوكايين مخفية بإحكام تحت خط الطفو في هيكل سفينة تجارية كانت تستعد للإبحار نحو أحد الموانئ الأوروبية.
وبحسب المعطيات الأولية، فإن تلك الشحنة تم تثبيتها داخل ما يُعرف بـ “صندوق البحر” (cofre de mar)، وهو جزء تقني أسفل السفن يُستعمل لضخّ المياه البحرية إلى داخل الأنظمة الميكانيكية. هذا النوع من الإخفاء يُعدّ من أساليب التهريب المتطورة التي تلجأ إليها شبكات الكارتيلات في أميركا اللاتينية لتفادي التفتيش التقليدي.
العملية تطلّبت غوصاً عميقاً وتفتيشاً دقيقاً للهيكل، قبل أن يعثر الغوّاصون على الحزمة الأولى، ويتبيّن لاحقاً أن السفينة كانت تحمل 208 كيلوغرامات من الكوكايين عالي النقاء، موجّهة—وفق التحقيقات—إلى شبكات توزيع في أوروبا، وهي الوجهة التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة السوق الأكثر ربحاً لتلك التنظيمات.
وتشير مصادر مكافحة المخدرات في كولومبيا إلى أن الاعتماد على “الإخفاء تحت الهيكل” تضاعف بشكل كبير، خصوصاً في السفن العملاقة التي يصعب على فرق التفتيش معاينتها بالكامل. كما أن هذا الأسلوب يعتمد عادةً على غواصين محترفين مرتبطين بالكارتيلات، يقومون بتثبيت الشحنة ليلاً ثم استرجاعها في موانئ وسيطة أو في المياه الدولية.
هذه الواقعة الجديدة تعكس، مرة أخرى، حجم السباق بين شبكات التهريب وأجهزة الأمن الدولية. فالقارة الأوروبية أصبحت في السنوات الأخيرة محوراً أساسياً لتدفقات الكوكايين القادمة من أميركا اللاتينية، ما يدفع الدول المُصدّرة للجهود المكثفة للتنسيق الأمني مع شركائها.
هذه العمليات تؤكد كذلك الحاجة الملحّة لتعزيز الرقابة البحرية عبر الواجهة الأطلسية، إذ يُسجّل المغرب—باعتباره نقطة عبور استراتيجية—ارتفاعاً في محاولات شبكات التهريب استغلال الممرات البحرية غرب إفريقيا للوصول إلى الشمال. وهو ما يجعل من تعزيز التعاون الدولي وتطوير قدرات المراقبة البحرية أمراً محورياً لمواجهة هذا “الاقتصاد الإجرامي” العابر للقارات.


تعليقات
0