جريدة البديل السياسي |الجماعات الترابية

خمسون طنا من الأخشاب بكلميمة ، تستنفر نوابا من الأغلبية و اعضاء من المعارضة:أين اختفت عائداتها؟.

téléchargement (36)

جريدة البديل السياسي 

مع اقتراب موسم البرد في كلميمة ، و مع تزايد حاجة الأسر و المؤسسات التعليمية و المرافق الاجتماعية إلى مصادر التدفئة ، عاد إلى الواجهة ملف ثقيل يثير كثيرا من الجدل : مصير خمسين طنا من الأخشاب الناتجة عن عمليات تقليم و قطع الأشجار في مجموعة من المرافق و المساحات الخضراء التابعة لجماعة كلميمة.

فبين فترات متتالية تشرع مصالح الجماعة في حملات واسعة لتقليم الأشجار و قطع بعضها بدعوى سلامة الراجلين و تحسين المشهد الحضري.

غير أن عمليات قطع الاشجار غالبا ما تخلف وراءها كمية ضخمة من الأخشاب ، قُدرت وفق معطيات داخلية و خارجية بـ 50 طنّا تقريبا ، وهو رقم معقول من شأنه المساهمة في مداخيل الجماعة

. و في العادة ، يتم تفويت مثل هذه المواد عبر مسطرة البيع العمومي أو طلبات العروض وفق قانون الصفقات العمومية ؛ لكن المفاجأة التي تفاجأ بها السكان هي بيع هذه الكمية الضخمة بثمن لا يتجاوز 4500 درهم. وقد خلف هذا الثمن صدمة في الشارع المحلي لان أثمنـة الحطب في السوق المحلي واضحة ، فحسب مصادر خبيرة فإن شاحنة واحدة محملة بحوالي 3 إلى 4 أطنان تباع بما بين 1500 و 2500 درهم ، ما يعني أن 50 طنا يمكن أن تصل قيمتها الفعلية إلى 25 ألف درهم على الأقل ؛ لكن الجماعة حسب مصادر متطابقة باعت كامل الكمية بثمن يكاد يساوي ثمن ثلاث شحنات صغيرة فقط!

هذا الثمن الزهيد فجر غضبا واسعا ، و فتح الباب أمام تساؤلات مشروعة من طرف اعضاء المجلس الجماعي في الأغلبية و المعارضة و في صفوف المجتمع المدني و الحقوقي من قبيل :كيف حُدد هذا السعر؟ من قيّمه؟ من اقتناه؟

و هل كانت هناك منافسة أم بيع مباشر؟ و في إطار تقصي المعطيات ، يتبين أن عددا من الفاعلين المحليين ، بمن فيهم منتخبون و حقوقيون ، طالبوا بالاطلاع على : محضر الجرد و محضر البيع و أسماء اللجنة المشرفة ونوع المسطرة المتّبعة و إعلان المنافسة إن وُجِد! غير أن هذه الوثائق حسب تصريحات اعضاء من الأغلبية و المعارضة لجريدة البديل السياسي ، لم تُعرض للرأي العام إلى الآن ، ما يغذي الشكوك حول شفافية العملية ، حيث أكد النائب الثاني لرئيس جماعة كلميمة الترابية ان البيع القانوني لممتلكات الجماعة يخضع لشروط واضحة ، أهمها : تحديد القيمة عبر لجنة مختصة ، و تنظيم سمسرة عمومية و فتح المجال للمنافسة و تسجيل العملية في محضر رسمي و شفاف.

فيما تساءل عضو المعارضة مولاي احمد الترزيوي : هل احترمت الجماعة هذه الشروط؟ هل تم الإعلان عن البيع؟ و هل حضر متنافسون؟ أم جرى الأمر بعيدا عن الأنظار؟

و التمس ان يكون لهذه الأسئلة جوابا رسميا. فيما تساءل حقوقيون عمن هم المستفيدون ، و متى يتم فك هذا اللغز المحير ؟

فرغم أن العملية تمت ، فإن هوية المشتري و سيناريو البيع لا تزال غير معروفة للعموم. و تساءل عدد من المواطنين الذين واكبوا عملية إخراج الأخشاب : هل استفاد شخص واحد فقط؟

و هل تم تقسيم الأخشاب خارج أي إطار قانوني؟ و هل استعملت بعض الكميات لأغراض خاصة أو لصالح أفراد بعينهم؟ إلى الآن، لا توجد إجابات رسمية ، و تبقى المسؤوليات معلقة ، فيما يرى مراقبون أن المسؤولية تقع على عاتق رئيس المجلس الجماعي بصفته الآمر بالصرف و المكتب المسير الذي يفترض أنه يراقب تفاصيل مثل هذه العمليات.

و يأمل المواطنون من الهيئات الرقابية ، و على رأسها المفتشية العامة للإدارة الترابية فتح تحقيق للتأكد من مدى احترام القانون. في ذات السياق و اثناء جولة لجريدة البديل السياسي للحديث مع بعض الساكنة ، كان لافتا أن المطالب ليست اتهامية بقدر ما هي مطالب بالوضوح ، يقول أحد المواطنين : “الأخشاب ليست ملكا لأحد ، هي من مال الجماعة ، و مال الجماعة هو مالنا ، نريد فقط معرفة أين ذهب المبلغ الحقيقي؟”

و يضيف آخر : “إن كان الثمن عاديا و البيع قانونيا ، فلا بأس ، فقط نريد الوثائق.”

و إلى أن تقدم الجماعة جوابا مكتوبا ، و إلى أن تُكشف المحاضر و الوثائق ، سيظل الملف مفتوحا ، و سيظل السؤال العالق الذي يردده الشارع : هل بيعت خمسون طنا من الأخشاب فعلا بـ4500 درهم؟

و إن كان ذلك صحيحا ، فمن المسؤول؟ تحقيقٌ كهذا لا يبحث عن الإدانة ، بل عن الحقيقة ، والحقيقة وحدها كفيلة برد الاعتبار للساكنة ، و للمؤسسة الجماعية نفسها.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي