جريدة البديل السياياسي – حكيم شملال
حفلات الاعتراف الجماعي
في خاطر موسى… وفي خاطرنا جميعا
كلنا موسى. عاش موسى… موسى ثم موسى، موسى موسى… عاود موسى.
موسى لم يأت بشيء خارق، إنما فعل ما يفعله الجميع، كل حسب جيبه، أو منصبه، أو حتى “مافيوزيته”. استدعى المغنين الكبار، نجوم “التراند”، وأغدق عليهم الأموال… لا لشيء إلا ليسمع اسمه يرفرف وسط الألحان.
في الناظور هذا أمر طبيعي، فنحن جميعا موسى، نحب أن نسمع أسماءنا تردد بصوت عال أمام الناس.
“في خاطر حكيم، ثم حكيم، أو حكيم، ذ حكيم…”
الاسم يتضخم بقدر ما تدفع من أوراق نقدية. ثم يدخل عباس، “في خاطر عباس، ثم عباس، أو عباس…” وهكذا تنطلق المنافسة، من سيدفع أكثر ليغنى اسمه أطول؟
في البارات كما في السهرات، لا أحد يدفع من أجل الموسيقى، بل من أجل موسيقاه الخاصة: موسيقى اسمه وهو يغنى على الملأ.
والأطرف أن بعضهم لا يملك شيئا، فيقترض مائة درهم ليضعها في يد المغني، مقابل جملة يتيمة: “في خاطر عباس”..
حتى المثقف والمتعلم لم يسلما من هذه “المعمعة”. أسلوب مختلف لكن الغاية واحدة: التباهي بالاسم وتكراره.
رأيت بعضهم يمول الجمعيات بماله الخاص لا حبا في الثقافة، بل ليكرم في نهاية الأمسية بورقة مقوى يكتب فيها اسمه، ثم يوثق تلك اللحظة بصور أمام الملأ مزهوا كأنه حاز وساما وطنيا يعيد نشرها كلما سمحت له الفرصة لذلك.
إنها لعبة الاعتراف، نعترف نحن على أنفسنا بأننا جميعا نريد أن نذكر، أن نرى، أن نحظى بلحظة خلود قصيرة في ذاكرة الآخرين.
نخاف أن لا يذكرنا أحد، فنذكر الجميع بنا. نحن شعب نحب أن يثنى علينا، أن يقال عنا الكثير، إننا جميلون، محبون، أصحاب شهامة وكرم… صفات نشتريها بفلوسنا.
كلنا موسى.
أما أنا… فكنت سأدافع عن موسى حتى النخاع لو اجتمع مع أصدقائه وتنافسوا في مساعدة محتاجين. ولو أن تلك الملايين التي بعثرت على المغنين ذهبت لذوي القربى الفقراء… لكن دعك من هذا، فربما هو طلب مثالي أكثر مما يحتمله الواقع.
اليوم لن أدافع عن موسى… بل أعاتبه، لأنه لم يقم بدعوتي لعرسه.
كنت سأجازف أنا أيضا بورقة نقدية، فقط لأسمع باطما تصدح:
“في خاطر حكيم…”
قد لا ينتبه إليها أحد وسط زحمة الأسماء، لكنني كنت سأوثقها بالفيديو، لأعيد سماعها كلما احتجت أن يعلو اسمي في الملأ.
حكيم شملال
تعليقات
0