جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

بني ملال.. على حافة الجنون أم ضحية لسياسة عمياء؟

téléchargement (7)

بقلم: حليمة صومعي..جريدة البديل السي

ظل المثل الشعبي القائل: “الهبال في بني ملال” يُتداول في المجالس بلهجة ساخرة، وكأنه مجرد نكتة عابرة.

لكن مرور الزمن أثبت أن ما كان يُقال بطابع المزاح يخفي في جوهره حقيقة أعمق: مدينة عريقة تُستنزف تدريجياً بين فوضى التدبير وقسوة الواقع. اليوم، يلمس الزائر والمقيم على حد سواء حجم التراجع في مختلف القطاعات: بنية تحتية متعثرة، خدمات عمومية لا ترقى إلى تطلعات المواطنين، شباب محبط يهاجر أو يواجه البطالة، وملفات تنموية لا تتجاوز عتبة الشعارات.

وزاد من حدة الوضع ما بات يتكرر من تنزيل حافلات تقل مهاجرين أفارقة نحو بني ملال، في غياب رؤية واضحة لتدبير هذا الملف الحساس، مما عمّق شعور الساكنة بالهشاشة والإقصاء. ومع ذلك، فإن بني ملال ليست مدينة فقيرة الإمكانيات.

فهي تزخر بمؤهلات طبيعية وزراعية مهمة، إضافة إلى رأسمال بشري قادر على صنع الفارق متى وُجدت الحكامة الجيدة والاختيارات التنموية الرشيدة. غير أن غياب رؤية استراتيجية متكاملة يجعل هذه المؤهلات حبيسة الأوراق الرسمية.

إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق المنتخبين المحليين والجهويين، وعلى الحكومة بمختلف قطاعاتها، من أجل إعادة الاعتبار للمدينة. فالتنمية لا تُبنى على الخطابات ولا على تدبير الملفات بمنطق الإطفاء اللحظي للأزمات، بل برؤية مستقبلية واضحة، وبحوار جاد مع الساكنة، وبتحمل كامل للمسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع.

بني ملال لا تحتاج إلى صدقات ظرفية ولا إلى قرارات ارتجالية، بل إلى إرادة سياسية حقيقية تعيد لها مكانتها، وتضعها في قلب الاهتمام الوطني. حينها فقط، يمكن أن نطوي صفحة التهميش، ونكتب تاريخاً جديداً لمدينة تستحق أن تكون منارة للتنمية بدل أن تُختزل في أمثال شعبية ساخرة.

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي