جريدة البديل السياسي -اعداد بدر شاشا
سامح الله بعض المحاسبين في المغرب عندما يأتي عنده المشغل ويطلب منه التصريح بعدد العمال ويقول له صرح لي بأن العمال يشتغلون 14 يوما أو 18 يوما بينما في الواقع هؤلاء العمال يشتغلون 26 يوما كيف يرى هذا الإنسان نفسه أمام الله وهو يعلم أنه يغش ويعرف الحقيقة ويشارك في هذا الغش ويساهم في تضليل الدولة وفي حرمان العمال من حقوقهم الأساسية كيف يمكن أن يكون هناك مسؤولية دينية وأخلاقية في هذا العمل وكيف يمكن له أن ينام مرتاحا وهو يعلم أنه يسلب الناس حقوقهم بطريقة غير شرعية وما يزيد الطين بلة هو أن مفتشي الشغل وصندوق الضمان الاجتماعي أحيانا يقبلون هذه التصريحات المزورة 14 يوما أو 18 يوما ولا يقومون بالتحري الحقيقي ولا يطلبون توضيحا ولا يذهبون إلى مراقبة صارمة في الواقع عندنا في المغرب عندما تأتي لجنة المراقبة يلزم صاحب المطعم أو المقهى أو أي مؤسسة بأن يصرح بالعمال الجدد فقط ويقول أن هذا العامل جديد بدأ أسبوع أو شهر بينما في الحقيقة العامل قديم ويعمل منذ سنوات وغالبا يكون مسكين لأنه يخاف من الفصل فيضطر صاحب العمل للكذب ويتلاعب بالحقائق ويضيع حق هذا العامل
هناك اختلالات أخرى كثيرة فبعض أصحاب العمل يجلبون أشخاصا ليعملوا أسبوعا أو شهرا ويرسلونهم ثم يأتون بأشخاص آخرين وتستمر العملية ويستغلون الحاجة والضعف الاجتماعي للعمال لكي لا يصرحوا لهم بالحقوق الكاملة وكم من شخص يعمل في المغرب ويتقاضى 1000 درهم أو 2000 درهم في الشهر وكم من امرأة تعمل في المقاهي والمطاعم وغيرها تعاني الاستغلال والعمل المتعب والظروف القاسية ومع ذلك تجد عقود العمل المؤقتة منتشرة بشكل كبير وهذه العقود لا تمنح الشباب أي استقرار ولا تخلق لهم مستقبل ولا تحافظ على نفسيتهم
كيف يعقل أن يعمل الإنسان 12 ساعة في اليوم في حراسة أو في أي وظيفة صعبة ويتقاضى فقط 1800 درهم في حين هناك وزارة للتشغيل ومفتشو الشغل وصندوق الضمان الاجتماعي الذين من المفروض أن يراقبوا ويطبقوا القوانين على أرض الواقع لماذا لا يستطيعون المراقبة المستمرة والفنية بشكل دائم وكيف يعقل أن هناك أشخاص يعلمون بقدوم اللجنة المكلفة بالمراقبة فيستعدون مسبقا قبل وصول اللجنة ويقومون بتصحيح الأوضاع بشكل مؤقت لتضليل الرقابة
القانون الشغل في المغرب يقول أنه مع العمال ولكن التطبيق العملي غالبا يكون مع أصحاب العمل الذين يعرفون طرق الالتفاف على القانون واستغلال الثغرات والمواطن البسيط والعمال الشباب والنساء غالبا هم الضحايا في هذا النظام ويعيشون بين خوف من فقدان عملهم وبين الحاجة للعيش والالتزام بشروط أصحاب العمل الغير منصفين وهذا كله يضر بالاقتصاد الوطني لأنه يحرم الدولة من الرسوم والضرائب ويؤثر على المجتمع وعلى الاستقرار الاجتماعي والنفسي للعمال
القطاع العمومي والرقابي في المغرب يحتاج إلى تغيير شامل وإلى تطبيق صارم للقوانين وفحص مستمر للمؤسسات وعدم الاعتماد على التصريحات المزورة فقط يجب أن يكون هناك متابعة دقيقة ودائمة للعمال والمؤسسات وأن يتم محاسبة كل من يتلاعب بالقوانين سواء المحاسب أو صاحب العمل أو أي طرف آخر كما يجب أن تكون هناك حماية حقيقية للعمال ليعبروا عن مشاكلهم دون خوف من الفصل أو التضييق عليهم ويجب أن يتمكن كل موظف مراقب من الوصول إلى الحقيقة بدون تدخلات أو تسهيلات لأصحاب العمل
إذا أراد المغرب أن يتقدم اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وتشغيليا فلا يمكن أن يكون هناك استغلال مستمر للعمال ولا غش إداري ولا إفلات من المسؤولية يجب أن يكون القانون واضحا والتنفيذ صارما والمراقبة دائمة والحقوق محمية والعمال مطمئنين على مستقبلهم والعمل بروح الشفافية والمصداقية في جميع المؤسسات يجب أن يكون هناك التزام أخلاقي ومسؤولية حقيقية لكل شخص مسؤول عن الإدارة والمحاسبة والرقابة ويجب أن يشعر كل موظف وكل مفتش وكل صاحب عمل أن هناك مراقبة حقيقية وأن أي تلاعب سيؤدي إلى عقاب قانوني واضح وأن المواطن والعمال لهم الحق في المطالبة بحقوقهم بشكل كامل الواقع الحالي للعمال في المغرب بين الغش الإداري والاستغلال وفشل الرقابة يجعل الدولة تفقد جزء كبير من مواردها ويجعل الشباب والنساء يعيشون حياة صعبة بدون استقرار بدون حقوق كاملة بدون حماية نفسية ومادية ولا يمكن تحسين اقتصاد البلاد ولا الخدمات الاجتماعية والصحية إلا إذا تم تطبيق القوانين بشكل صارم والالتزام بحقوق العمال والمحاسبة الدائمة لكل المتلاعبين بالقوانين


تعليقات
0