جريدة البديل السياسي -بدر شاشا
قطاع الصحة في المغرب يعيش منذ سنوات حالة من الاختناق المزمن، رغم الجهود التي تُبذل لتجويده. المواطن المغربي، أينما كان، يحلم فقط بخدمة صحية تحفظ له كرامته، وتوفر له العلاج في الوقت والمكان المناسبين. غير أن الواقع، للأسف، ما زال بعيدًا عن هذا الطموح.
من القرى والجبال إلى المدن الكبرى، تتجلى الفوارق الصحية بشكل صارخ. مستشفيات بدون أطباء، مراكز صحية تفتقر إلى التجهيزات الأساسية، ومواعيد طبية تمتد لأشهر طويلة. المواطن المريض لا يريد وعودًا، بل يريد نظامًا صحيًا منصفًا، فعّالًا، وسهل الولوج.
الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من الرقمنة والشفافية، تمامًا . رقمنة المواعيد، والملفات الطبية، وتتبع حضور الأطر الصحية كذلك بطاقه الصحية الالكترونيه تشمل جميع العمليات والدواء والتغطية الصحية ، ستجعل النظام الصحي أكثر انضباطًا وإنصافًا. يجب أن يعرف المواطن الطبيب المناوب، وأن تُسجل كل عملية، وكل دواء، وكل خدمة داخل نظام مركزي يُراقَب إلكترونيًا، لتُغلق أبواب التلاعب والإهمال.
لكن الرقمنة وحدها لا تكفي. الطبيب والممرض أيضًا يحتاجان إلى ظروف عمل كريمة. لا يمكن الحديث عن جودة العلاج إذا كان الطبيب يشتغل في مستشفى يفتقر إلى الأدوات، أو يواجه ضغطًا يوميًا دون دعم نفسي أو تحفيز مهني. كما أن المناطق النائية تعاني من هجرة الأطر الصحية نحو المدن، مما يزيد الفوارق ويعمّق أزمة الثقة توفير الراحة لطبيب والمرضى
الحل يكمن في عدالة التوزيع الجغرافي، وتحفيز الأطباء والممرضين على العمل في القرى والمناطق الصعبة عبر امتيازات حقيقية: سكن، منح، مسارات مهنية واضحة. إلى جانب ذلك، يجب الاستثمار الجدي في التكوين المستمر، فالعالم يتطور بسرعة، والتكنولوجيا الطبية تتغير كل يوم، والمغرب يجب أن يواكب هذا التطور لا أن يكتفي بالمواكبة الشكلية.
ولا ننسى أن الصحة ليست فقط علاجًا، بل هي وقاية ووعي وسلوك. يجب تعزيز ثقافة الوقاية، وتحسين التواصل بين المؤسسات الصحية والمواطنين، من خلال حملات توعوية رقمية وميدانية تُقرب الناس من الطب، وتُعلمهم كيف يحمون أنفسهم قبل أن يطلبوا العلاج.
إن إصلاح الصحة في المغرب هو إصلاح للكرامة قبل أن يكون إصلاحًا للمستشفيات. فحين يجد المواطن طبيبًا حاضرًا، ودواءً متوفرًا، ومعاملة إنسانية، عندها فقط يمكننا القول إننا بدأنا الطريق نحو مغرب صحي عادل وإنساني


تعليقات
0