كلمة حق لا بدّ أن تُقال في مربي الأجيال الأستاذ المرحوم بوزيان جوهر إبن قبيلة كبدانة
جريدة البديل السياسي
ليس من السهل فراق الأهل ورحيلهم ولكن هي الاقدار وحدها تكتب لنا ما تشاء وداعاً للقلب الطيب الذي توقف بعد أن رعى القلوب والأفئدة المعطوبة ووفَّى وكفَّى بطيبته وأخلاقه لعقود من الزمن عمل مع أجيال متعاقبة دون أن يترك خدشاً في قلب قريب أو صديق .
وكم هي قاسية لحظات الوداع والفراق، التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة، ونختنق بالدموع.
ونحن نودع واحداً من جيل المربين والأساتذة الافاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة، الناكرين للذات، من ذلك الزمن الجميل البعيد، أستاذنا جميعاً، المربي المرحوم بوزيان جوهر (أبوفؤاد )إبن قبيلة كبدانة منطقة بوغريبة جماعة أركمان إقليم الناظور ، الذي فارق الدنيا، بعد مسيرة عطاء عريضة، ومشوار حياة في السلك التعليمي والعمل التربوي والاجتماعي والسياسي ، تاركاً سيرة عطرة، وذكرى طيبة، وروحاً نقية ، وعبق أريج نرجسة في ربى الروحة، وشذا شجرة برتقال يافية، وميراثاً من القيم والمثل النبيلة.
فيا أيها الانسان الطيب، والمدير المخلص، ويا نبع العطاء والنهر المتدفق حباً لعملك، يعز علينا فراقك، في وقت نحتاج فيه الى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين.
ومهما كتبنا من كلمات رثاء، وسطرنا من حروف حزينة باكية، لن نوفيك حقك لما قدمته من علم ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل شباب ورجال المستقبل والغدوكذا ما قدمته لساكنة كبدانة لما كنت مستشارا جماعيا بجماعة اركمان عن دائرة بوغريبة إقليم الناظور ، وعلمتنا من أخلاق وقيم فاضلة، وغرست فينا حب العلم والمعرفة، ونميت في اعماقنا قيم المحبة والخير والانتماء .
ويا لسعادتي، وشرف كبير لي، انني كنت واحداً من أبناء قبيلة كبدانة راحلنا الكريم الاستاذ بوزيان جوهر ، الذي أشغل مدرساً ومستشارا جماعيا وقضى أكثر من أربعين عاماً في سلك التدريس، وحين خرج للتقاعد عمل متطوعاً في العديد من الاعمال الخيرية والاهلية، وساهم بدور فعال في العطاء وخدمة المجتمع في قبيلة كبدانة وأولاد ستوت بزايو.
عرفنا الفقيد معلماً هادئاً، متسامحاً، راضياً، قنوعاً، ملتزماً بانسانيته كما هو ملتزم بدينه وواجباته الدينية.
حمل الامانة بإخلاص، واعطى للحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم.
تمتع بخصال ومزايا حميدة جلها الايمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب، متميزاً بالدماثة، والتواضع الذي زاده احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب الناس والتلاميذ وكل من عرفه والتقى به. وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس..؟!
أربعون عاما امضاها في خدمة التعليم ، التي شرفها وتشرفت به، فكان رسول علم ومعرفة، وجدول عطاء وتضحية، ونعم المعلم والمستشار الجماعي والأب الحنون والأخ الودود والصديق الصدوق.
فكان قدوة ونموذجاً ومثلاً يحتذى في البساطة والوداعة والرقة والعطف والحنان وعمل الخير وسمو الاخلاق وطهارة النفس والروح ونقاء القلب والعفوية والتسامح.
واعطى كل ما لديه بلا حدود، ودون كلل أو ملل، في مهنة ورسالة هي من أصعب المهن، وأهم الرسالات، رسالة العلم والتربية، بكل ما تحمله في طياتها من المعاني ، التي في صلبها بناء الانسان، وبناء الوطن، وبناء المجتمع.
لقد غيب الموت أستاذنا ومعلمنا الحبيب الغالي، الأستاذ بوزيان جوهر جسداً، لكنه سيبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد هذه الحياة، ولن ننساه، وسيظل بأعماله ومآثره وسيرته نبراساً وقدوة لنا.
نم مرتاح البال والضمير، فقد أديت الامانة وقمت بدورك على أحسن وجه، والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون.
وما لي في وقفة الوداع سوى هذين البيتين من الشعر قالهما شاعر النيل حافظ ابراهيم في رثاء صديقه ومجايله أمير الشعراء احمد شوقي :
خلفت في الدنيا بياناً خالداً وتركت أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان لم يزل للدهر انصاف وحسن جزاء
وإنا لله وإنا اليه راجعون
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار