بقلم ذ.محمادي راسي – جرسدة البديل السياسي :
المـــــــــتــمـــــــــحــــــــــــــــل
&&&&&&&&&&&&&&
ـــ 1ــــ
متمحل ، حميل ، منحمل
حل ، لا حلب ، ولا جلب ،
لا ثم ، ولا رم ، ولا حم ،
منتحل ،متقلب ، منقلب ،
في النهار ؛ نسك وزهد ،
تقشف واتقاء ،
وروع ، و وراعة ،
في الليل ؛ من مضيرة إلى وليمة ،
وزردة ، فجريالة ،
أكل وشراب ،
بما لذ وطاب ،
هنيئا مريئا ،
فحاشة ، دعارة ، وخلاعة ،
تارة ، ينسل ويندس خفية وخيفة ،
وتارة ، يخرج من المواخير والأكواخ ،
منتشيا مترنحا متبجحا ،
بما قبض خضرا مضرا ،
وما جمع وغنم وانتشل ،
تمرنا وتدربا وتمرسا ،
فسهلا لينا مرنا .
ـــــ2 ـــ
من الأفضل أن يرحل المتمحل ، لأنه بالغ في الانحلال والانتحال ،والتمحل والاحتيال ، والاختلاس والاختلال إلى أن أصبح مختلا ، أصابه همز الشيطان ، إلى أن أضحى مهوسا ، أصابه الوسواس الخناس ، كأنه لعبت به هوج الرياح التي أفقدته توازنه في مشيته ، ولعب به الخرف والهذيان إلى أن أمسى متذبذبا في أقواله وأفعاله وأعماله ، لا يفرق بين الحلال الطيب ، والحرام الخبيث النبيث ، يقبل على النباذ المعتاد لابتياع النبيذة والخمرة ، وعلى بائع الحشيش لشراء "الشمة "و"الكالة "وما يشبههما شما "ونفحا "وتلقيحا واستنشاقا واستنثارا وعطسا ، ثم يقوم كالثور هائجا متنغضا متوحشا منتفخ الودجين والعروق ، كالذي ثار ثائره ، وفار فائره ، يريد ذبح كل من فضحه ، واطلع على إضباره وأجندته ، يريد بلهنية العيش .. عن طريق السلة/بفتح السين/ ، ونفحات من المعروف ، وجمع الأتاوى يؤديها أهل المحسوبية والزبونية ، أصحاب التقية والحربائية والنفعية ، ودع الإضبارة ، فضل " الأجندة " الخفيفة شكلا ،والثقيلة والمعقدة مضمونا ، لقد نزل عتريسا ـــ وقد أصبح "عتروسا"ــ رافعا رأسه كالسنابل الفارغة ، لا يبالي بما يحيط به ، ولا يعبأ بأحد ، بدعوى أنه حر ووحيد عصره ، وبين آونة وأخرى ، وبالاستغفال ؛ يتحين ويتربص بالمغفلين ، ويضرب لهم موعدا ليختلسهم ،وهو يعرف ويحفظ هذا المثل جيدا : "الخلسة سريعة الفوت بطيئة العود" ، أو قد لا تعود لأن الأنهار تنضب وتجف أحيانا ، أو قد يستغرق الجفاف سنوات … ، يشتري جريدة يتخذها غلافا "للأجندة " صاحبة الحكمة ، التي تفكه من المحنة والكلفة ، وإسار اللقطة العصيبة ، للحصول على اللقمة المريئة الهنيئة ، وتنجيه من الأزمة الاقتصادية ، وتكاليف القفة ، وتغطية تصاريف الدهر العصيبة ، بها يكون المطبخ مليئا بما حلا وساغ وشهي من أكل وشراب ، لدحق السغب المضني المفني ، وتحلب اللسان من كثرة الاشتهاء والاشتياق كالمرأة الوحمى ، ويحلو الجلوس في المقهى والحانة والخمارة ، وكل ما يأتي خضرا مضرا ، يكون لذيذا هنيئا مريئا ، ويحفزه على أن يكون كريما ، ليقال فيه :إنه كريم وسخي وندي ، كحاتم الطائي "وولد الأصل والفصل " ، ولكن بأموال الضعفاء والمغفلين والانتهازيين .
فكرت مليا ـــ متأملا مستجليا مستكشفا ـــ في الجريدة التي يبتاعها ، فهل يقرأها قراءة جيدة ؟؟،لأن مستواه ضعيف ، وهندامه مرفوض ، ومشيته غرابية أعرابية بدوية ، يبلهس ويتبله في سيره من فرط الإدمان ، أظن أنه يقرأ الجريدة وما يشبهها بالعامية ، ويكتب بالدارجة ، ولكنه يتقن كتابة الأرقام والأسماء المدونة في "الأجندة "، بالرموز ، كرموز الكيمياء التي استعملها في البداية علماؤها كي لا يعرفها الآخرون ، أما الحساب فلا يفقه شيئا في المعادلات والجبر ، ومربع فضلة حدين ، ولا العمليات الحسابية الأربع ، ولا أصل الأرقام ..، ولكنه يعرف الحساب بواسطة الأنامل كالنساء في الزمن الغابر ، كي لا يبقى شيئا مدونا في "الأجندة " ليكون حجة ودليلا ضده ، لم يعد يستقبل أحدا في ماخوره ، انتبه إلى ما يكتب عليه ، أو أنه يذهب إلى خمارة جديدة ، يجتمع فيها مع خلانه أقرانه السفهاء .
هذا المتمحل الذي ينقلب كالحرباء ، انتقل من منزل قديم كحانة ، إلى ملهى جديد ، ومن حمل الإضبارة إلى "الأجندة" ، أنصحه بالرحيل من هذه البلدة ، كي لا يفضح سلوكه الممارس في الشوارع وفي الإدارة والدار ، وتعرضه للضعفاء من أجل دفع الغنيمة ، ليتمكن من الظهور في الحانة بأنه ثري ، وشيخ "الكفر"، وعمدة البلدة ، تنقصه العباءة والعصا والنرجيلية ، ليهز بطنه كباقي الراقصات ، وماذا ستنتظر من الرقاصة التي لا تنبت وإن مطرت ؟؟، فهو والقسيس سيان :الغناء في الكنيسة نهارا ، والغناء في الحانة ليلا .
بين آونة وأخرى يتلقى ما تيسر من البركة و"التنفيحة " والخندريس في الليل ، يقوم بتمويل ذلك أصحابه الأذلاء الأغبياء ، الذين يدعون القوة وأنهم أقوياء أذكياء ، للسيطرة على أملاك الضعفاء ، هذا المتمحل أن تسمع به خير من أن تراه كالمعيديّ ، لأنه مشوه مشية وخلقة ، مسخه الله في هذه الدنيا الفانية ، قبل الآخرة الباقية ، وهو من رواسب أزمنة السيبة ، وأيام الاستبداد والتعجرف ، ومن رواسب الماضي النتنة ، والمستنقعات الراكدة الكدرة ، والكوادر الغبية الانتهازية المتعفنة ، الجاهلة المتكبرة الخاوية ؛ علما وتجربة وثقافة ، وهو من الآسان شكلا ومضمونا ، آثارا وثيابا وخلقة وخلقا ، وهلم درنا وتفا ووسخا ، اليوم لا وقت للرقص والغناء ، ولا للكذب والاستغلال والضحك على المواطنين الأبرياء، ولا مكان لأمثال هذا المتمحل ، ولا لأمثاله من الرويبضين والمهرجين والخداعين والانتهازيين ، إنهم لا يفلحون حيث أتوا، كالساحر والفاسد والفاسق ، ستفضحهم تصرفاتهم الهوجاء ، وسلوكاتهم الرعناء ، وأفعالهم الخسيسة ، وأعمالهم الدنيئة ، وإنجازاتهم المغشوشة ، تفضحهم أحيانا الظواهر الطبيعية التي تنوب عن كل تفتيش وتنقيب وبحث وتمحيص ، فورا وتوا ، بدون تردد وانتظار شهور وأعوام .
وأختم بقول الشاعر ؛ صلاءة بن عمرو المعروف بالأفوه الأودي :
البيت لا يبتنى إلا له عمد //
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
لايصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
وإن تولت فبالأشرار تنقاد
تعليقات
0