جريدة البديل السياسي |البديل الوطني

مشاهير في حضن البودشيشية سياسيون ورياضيون وفنانون ومفكرون متصوفون

page-7

جريدة البديل السياسي 

يتردد على دوار الحرشة  قرية مداغ باقليم بركان  الآلاف من مريدي الزاوية البودشيشية، منهم المغاربة ومنهم الأجانب. في هذا الركن الصوفي يحيون المناسبات الدينية ويتبركون بمشايخه، من سيدي العباس إلى سيدي حمزة وسيدي جمال الدين الذي انتقل أخيرا إلى الرفيق الأعلى، ووريثه منير القادري، قبل أن يتنازل عن المشيخة لفائدة شقيقه معاذ.

تمكنت الزاوية البودشيشية من استقطاب شخصيات وازنة من عالم السياسة والمال والأعمال والتصوف والفن والفكر والرياضة وكل المجالات، بل إن الزاوية أضحت ملاذا آمنا لأصحاب القرار الذين يبتغون الأمن الروحي، سيما وأن الزاوية ليست فضاء للتصوف والزهد فقط بل أصبح لها دور كبير في التصدي للتطرف الديني بكل أشكاله والحد من انتشار التيار السلفي الجهادي، وتحصين المجتمع من كل ما من شأنه أن يجعل من الدين مطية لبلوغ أهداف أخرى.

الأمن الروحي، الذي تراهن عليه الدولة في التصدي للتطرف، لا يقتصر على الزاوية البودشيشية بل يمتد إلى باقي الزوايا الدينية، التي أصبحت تجسد رؤية تجعلها في منأى عن السجالات السياسية التي تخرجها من دائرتها الروحية، ودورها في تغذية الروح، لكن هذه المسافة الفاصلة بين السياسي والصوفي لم تمنع أتباع الزاوية البودشيشية من تسجيل بعض المواقف السياسية، أبرزها المسيرة التي شهدتها الدار البيضاء المؤيدة للدستور الجديد عقب الربيع العربي.

الإشعاع الذي عرفته الزاوية البودشيشية حوّل مداغ، القرية الراقدة في العمق الشرقي، إلى وجهة دينية، ليس فقط في المناسبات الدينية بل على مدار السنة، ما جعل الكثيرين يصنفون المنطقة في خانة الديبلوماسية الروحية بعد أن باتت الزاوية نقطة جذب لشخصيات عالمية، وهو ما يفضي إلى نوع من التسويق لهذه الوجهة التي تجاوزت أبعادها الجانب الصوفي إلى الديبلوماسي والاقتصادي..

 

بريزة خياري.. سياسية جزائرية بجنسية فرنسية وهوية بودشيشية

اسمها بريزة خياري سيدة جزائرية الأصول، لكنها نشأت في فرنسا وأصبحت، إلى حدود عام 2017، عضوا في مجلس الشيوخ الفرنسي. عرفت بفكرها اليساري وكانت من أقطاب الحزب الاشتراكي. كانت بريزة من أنشط السيدات في المجال الجمعوي وإحدى المدافعات عن حقوق الإنسان العربي، خاصة حقه في العيش الكريم. تبنت الكثير من أفكار وقيم التعايش بين الشعوب، ونالت العديد من الأوسمة، من قبيل وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من رتبة ضابط ووسام الفنون والآداب من رتبة ضابط، ووسام جوقة الشرف من رتبة فارس ووسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من رتبة فارس، كما توجت بوسام مواطنة الشرف الفلسطيني.

ولدت بريزة الخياري في الجزائر في 3 شتنبر 1946. هاجرت إلى فرنسا بعد حصولها على البكالوريا في الجزائر. حازت على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في إدارة الشركات وعلى ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة باريس 1 – بانتيون سوربون. وخضعت لتكوين مستمر في المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا، وعرفت بصفتها ناشطة في المجتمع المدني، إذ شاركت في تأسيس نادي القرن 21.

سقطت خياري في عشق الطريقة البودشيشية من أول زيارة لها لمدينة وجدة، حيث مارست مداغ جاذبيتها على السياسية الجزائرية، فأصبحت وجهتها المفضلة خاصة في المناسبات الدينية، بل إنها ظلت تؤمن بقدرة الزوايا الصوفية على تذويب الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر، ودعت إلى جعل مداغ فضاء لمؤتمرات السلم والتآخي بين الشعوب.

منحها رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، وسام مواطنة الشرف الفلسطينية، تقديرا لدورها في تعزيز علاقات الصداقة بين فلسطين وفرنسا، ودعمها لطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

حين حل الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بالرباط يوم 28 أكتوبر 2024، في زيارة دولة لثلاثة أيام بدعوة من الملك محمد السادس، على رأس وفد رفيع المستوى كانت بريزة خياري ضمن هذا الوفد.

 

طه عبد الرحمان.. الفيلسوف الذي تحول إلى داعية للطريقة البودشيشية

لمدينة الجديدة فيلسوفها الذي تفخر به، وهو عالم المنطق طه عبد الرحمان.. أو من يعرف بـ«آخر حكماء المغرب». فهذا الرجل الروداني الجذور الدكالي النشأة أبحر نحو جامعات المملكة لنشر منطقه الفلسفي وأغنى المكتبة العربية والفرنسية بأكثر من 30 مؤلفا. هو من مواليد مدينة الجديدة سنة 1944، وفيها تابع دراسته الابتدائية قبل أن ينتقل إلى أكثر من ربوع بحثا عن المعرفة. عاد إلى المغرب خلال السبعينات من القرن الماضي ليقوم بتدريس طلبته المنطق في جامعة محمد الخامس بالرباط، ويصبح زعيم «المناطقة».

بعد طول غياب ظهر الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان في الزاوية البودشيشية، وقالت تقارير صحافية إنها رصدت طه وهو يتحدى زحف الشيخوخة، ويقضي أياما في حضرة صديقه الراحل الشيخ حمزة القادري البودشيشي، وكداعية للتصوف على طريقة الزاوية التي انتمى إليها منذ وقت طويل. ويتردد بين مريدي الطريقة أن الشيخ حمزة دعا للفيلسوف المغربي، قبل سنوات، بالتوفيق في مسعاه لتجديد الفلسفة الإسلامية على قاعدة العمل الصوفي، وهو ما حصل، بل إن ابنته إسلام عاشت بدورها في حضرة مشايخ الزاوية.

وحسب التقارير الصحافية ذاتها، فإن طه عبد الرحمان سبق أن ألقى محاضرة بالرباط، نظمتها له الزاوية القادرية البودشيشية، «بدا منهكا وظهر عليه تعب السنين ووهج الطلب، وجاء صوته نابعا من الداخل كأنه في صلاة خفية، واستغرق وقتا طويلا في الحديث عن صحبته للشيخ حمزة القادري البودشيشي، وقال إن هذا الأخير أخذ بيده في طريق التصوف والتربية الروحية، وإنه مدين له بالشيء الكثير، ومن دونه كان سيكون مصيره الضياع. لقد بصرني بالحق الذي يدمغ الباطل، وما أقوله وأكتبه قطرة ارتشفتها من ماء حكمته». وكما بدأ طه عبد الرحمان حديثه بالشيخ حمزة، ختم به محاضرته التي كانت بعنوان «العمل الصوفي وأخلاق الحرية»، وشبه الشيخ حمزة بالطبيب والمعلم، متمنيا ألا يقبض الله روحه وهو على قطيعة مع شيخه.

وقال الباحث والصحافي، إدريس الكنبوري، إن محاضرات طه عبد الرحمان شكلت محاكمة للفكر الغربي كله، انطلاقا من مبضع صوفي اعتمد عليه لتشريح جثة الإيديولوجيات الغربية، مثل الليبرالية والماركسية والجمهورية. وكما هو منهجه دائما، حيث يعمد إلى استخراج المفاهيم الصوفية من التراث الصوفي ويضعها داخل مربع منطقي ويبدع مصطلحات ومفاهيم جديدة، انتقد مفهوم الحرية لدى الليبراليين والماركسيين والجمهوريين والديمقراطيين، وأجمل تلك المفاهيم على شكل قواعد منطقية.

 

ريجيس.. «الرابور» التائب في فضاء الزاوية البودشيشية

حين أعلن فنان الراب ريجيس إسلامه وأصبح يحمل اسم عبد الملك، قرر أن يشد الرحال إلى المغرب، اعتقد أتباعه أن فنانهم بصدد تنظيم حفل ساهر في المغرب، لكن قدماه ستقودانه إلى شرق المملكة حيث قضى أياما في الزاوية البودشيشية.

في حواره مع الجزيرة الوثائقية تحدث هذا «الرابور» عن تجربة إسلامه وبحثه عن نور هداية يضيء طريقه، واختار الكتابة والقصائد وسيلة لذلك.

أصدر عبد الملك كتابه «مكاشفة القلوب» في طبعتين فرنسية وأخرى عربية، ليعلن أمام الملأ انتقاله من «الضلال إلى النور». يقع الكتاب في 159 صفحة موزعة على خمسة فصول، ومذيلة ببعض القصائد والأغاني التي أبدعها وأداها الفنان عبد الملك في سهراته وألبوماته».

ولد عبد الملك في الكونغو وانتقل إلى فرنسا وعاش فترة في بلجيكا، قبل أن يصبح من أشهر رابورات أوروبا، لكنه سيغير نمط حياته ويصبح واحدا من أتباع الطريقة الصوفية البودشيشية المغربية. وفي مداغ كان الفنان الفرنسي يقضي أوقاتا طويلة من أجل التعبئة الروحية «بحثا عن نور يقذفه الله في قلبه وتنحل به العقدة بين التدين والموسيقى».

عاش الولد ظروف الهجرة القاسية إلى فرنسا، وتحديدا في ستراسبورغ، تبعات الطلاق الذي فرق بين والده ووالدته لتتحمل الأم أعباء أسرة تعيش أقسى ظروف الهشاشة. انخرط الفتى ريجيس في عالم المنحرفين وعانى من مطاردة البوليس، وكانت أمه تذكره بحقيقة أصوله الدينية وتحدثه عن بيئة عائلته المسيحية الكاثوليكية، لكنه اعتاد اكتشاف الذات والآخر بفضل شيخ الزاوية البودشيشية حمزة بن العباس.

«في حضرة سيدي حمزة تعرفت على إسلام متنور، يتم فيه قبول الآخر كما هو، وتحترم فيه الاختلافات. إسلام يدعو إلى العودة إلى الذات، وخوض معركة حقيقية ضد الأنا وضد الجهل. ومن خلال هذه التربية، اكتشفت حب بلدي، فرنسا، وأهمية قيمه».

ويضيف عبد الملك في حوار صحفي: «كنت أشعر أنني لم أرو ظمئي الروحي، فكانت الكتب ملاذي. كان اهتمامي كبيرا بكبار المتصوفين الإسلاميين، الذين ألفوا كتبا ما بين القرنين التاسع والثاني عشر. قرأت كتب ابن عربي، الرومي، عبد القادر، إلى أن منحني أحد الأصدقاء كتابا حول الصوفية، وقرأت فيه أن ثمة شيخا روحيا يعيش في المغرب ويدعى سيدي حمزة، فقصدته».

بعد سنوات قليلة ألف كتابا عن تجربته كمنحرف في ضواحي باريس عنوانه «بارك الله فرنسا»، وأنجب مولودا سماه حمزة، على اسم شيخ الطريقة. وقال عبد المالك إن التصوف هو الحل الوحيد لمعضلات الشباب المسلم في أوروبا، وإنه بعد دخوله الطريقة أصبح يركز على الغناء والموسيقى لترويج التعاليم الصوفية في العالم، حيث أقام حفلات في فرنسا وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة لاقت ترحيبا واسعا.

 

اليازغي وولعلو في ضيافة شيخ الطريقة الصوفية بمداغ

من المفارقات العجيبة أن تصادف زيارة فتح الله ولعلو، وكان حينها وزيرا للمالية والخوصصة، قرية مداغ ومجالسته لشيخ الطريقة البودشيشية حمزة بن العباس، وقوع انفجارات إرهابية في الدار البيضاء يوم 16 ماي 2003، سيضطر فتح الله للعودة على وجه السرعة إلى الرباط اعتبارا لمسؤولياته الحكومية.

وقالت تقارير صحفية إن جدول أعمال لقاء الشيخ البودشيشي بالوزير الاشتراكي، تضمن نقاطا مختلفة أهمها معرفة وجهة نظر الشيخ بخصوص العديد من القضايا المختلفة والمرتبطة أساسا بالوضع الديني بالمغرب وإصلاحه.

جدول أعمال اللقاء كان فرصة للتعرف على شخصية الشيخ، بعد أن أعجب الوزير بالشيخ ومنهاجه الديني القائم على تربية الروح الإنسانية، وزاد إلمام ولعلو بالجانب الصوفي إغناء للنقاش الذي استمر على مدار أربع ساعات بين الشيخ والوزير في الإقامة الخاصة لمرشد الطريقة البودشيشية.

وحسب التقارير ذاتها، فإن زيارة ولعلو تكررت ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يزور فيها منطقة وجدة أو بركان، يصر وزير المالية السابق على الذهاب لرؤية الشيخ حمزة. بل إن هذا الأخير تردد كثيرا قبل أن يقبل طلب ولعلو في ملاقاته، والسبب أن الشيخ لا يريد مقابلة السياسيين حتى لا يحسب عليه أنه يدعم هذا الحزب أو ذاك.

وتردد زعيم يساري آخر على الشيخ البودشيشي وهو محمد اليازغي، الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي، اغتنم فرصة تواجده بمدينة وجدة فطلب لقاء الشيخ، وقبل هذا الأخير الطلب.

الحديث بين الزعيم السياسي والشيخ دار حول الأبعاد التربوية للزاوية وعلاقاتها، وأبعاد انفتاحها السياسي. اليازغي طلب من بعض المقربين منه أن يبقى موضوع لقائه بالشيخ سرا، وأكد لهم أنه حاول معرفة طبيعة الدور الذي تلعبه الزاوية في محاربة التطرف والإرهاب الديني.

وفي سياق آخر، يعد أحمد التوفيق، وزير الشؤون الإسلامية، من الوجوه البارزة المعروف ارتباطها بالزاوية البودشيشية، ورغم تحمله لحقيبة الوزارة فلا زال الرجل مواظبا على زيارة الشيخ والزاوية. وعند وفاة للاطاووسة، زوجة شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، انتقل التوفيق إلى القرية لحضور مراسيم تشييع الجنازة إلى جانب الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء احمد العبادي، أحد المريدين المعروفين بالزاوية البودشيشية.

استقبال السياسيين مؤشر على انفتاح الزاوية على باقي مكونات الفعل السياسي، مع الحفاظ على طابعها الديني المتسم بتربية الروح الإنسانية، دون الخوض في العمل السياسي.

    

الشيخ الشعراوي يقوم بجولة حول الزوايا المغربية

دأب محمد متولي على حضور الدروس الحسنية الرمضانية في عهد الحسن الثاني، وحل بالمغرب بصفته الرسمية وزير أوقاف مصر، إضافة لصفته العلمية بوصفه واحدا من أشهر مقرئي ومجودي القرآن الكريم.

بعد انتهائه من درس من الدروس الحسنية دار حوار بين الشيخ محمد متولي الشعراوي والحسن الثاني، قال الملك للمقرئ: «لقد أدركت في بداية عهدي أن الحياة الدنيا لعب ولهو، ولكن عندما أعلن الإمام عن صلاة الجنازة على والدي الملك محمد الخامس قائلا: «الصلاة على الجنازة، جنازة رجل». عندها أيقنت أن الحياة الدنيا مهما ينل منها الإنسان، ويبلغ فيها من مناصب، فهي «متاع الغرور»، وأن الدار الآخرة هي المبتغى». استمع الشعراوي باهتمام لكلام الملك واستحضر زعماء مصر، وقال: «أنا الآن مستمع جيد، بعد أن كان الناس ينصتون لي».

كانت زيارة محمد متولي إلى المغرب في بداية السبعينات مهمة على المستوى السياسي، لأن الشيخ كان مقيما لفترة طويلة في الجزائر، وخلال حرب الرمال ساند الطرح الجزائري، إذ سافر في سنة 1963 إلي الجزائر موفدا من الرئيس المصري جمال عبد الناصر واستقبله الرئيس أحمد بن بلة، بصفته رئيسا لبعثة الأزهر، وعاش الشيخ في الجزائر سبع سنوات، ارتبط فيها ارتباطا شديدا بالشيخ محمد بلقايد إمام علماء الجزائر وقتها، وكان الشعراوي يشارك بصفة دائمة في مجالسه وفي حلقات الدروس التي يعقدها. وفي حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة الذكرى الثامنة لاستقلال الجزائر في القصر الرئاسي بالجزائر، نظم الشعراوي قصيدة في مدح محمد بلقايد..

في أول زيارة له إلى المغرب، طلب محمد متولي من الحسن الثاني إمكانية زيارة تفقدية لمجموعة من المعالم والشخصيات الصوفية، زار قبر الوالي الصالح سيدي عبد السلام بن مشيش شيخ الصالحين في المشرق والمغرب، وزار رجال مراكش السبعة، وقبر المعتمد بن عباد في أغمات، والزاوية التيجانية بفاس والبودشيشية في مداغ، بل إن الملك وضع رهن إشارة الشعراوي طائرة مروحية رافقه فيها الجنرال مولاي حفيظ العلوي وزير القصور الملكية والتشريفات والأوسمة. استغرب الملك من عالم ديني وداعية إسلامي كبير يصر على زيارة أضرحة الأولياء الصالحين، وزاد عجب جلالته حين علم أن الشعراوي من أتباع الطريقة الشاذلية.

وحسب المؤرخ عبد الهادي التازي فإن شيخ الأزهر استقر لفترة طويلة في المغرب، وتحديدا في شاطئ الهرهورة، حيث التقى برجال الدين.

 

طبيب التجميل التازي يرتدي عباءة بودشيشية أثناء محاكمته

لجأ حسن التازي، طبيب التجميل أثناء متابعته بجناية الاتجار بالبشر، إلى الخطاب الصوفي، وهو يلقي كلمته في جلسة المحاكمة، إذ قال: «لقد نشأت في أجواء روحانية شربتها من معين الزاوية البودشيشية التي كنت أتردد عليها لأتزود بالشحن الروحاني»، كما استعان طبيب التجميل بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، في محاولة لتبني مقاربة صوفية في مرافعته أمام هيئة الحكم.

والتمس التازي، في كلمته، الرحمة من المحكمة انطلاقا من سورة الفاتحة معتبرا أنها تجسد معاني الرحمة، قبل أن يخاطب الهيئة التي اختلت للحكم: «واثق بأنكم ستعدلون فاعدلوا».

تحدث المتهمون بلسان الرجاء وتوسل الرحمة من المحكمة، وهم يذرفون الدموع في محاولة لتبرئة أنفسهم، بينما ارتدى الطبيب التازي، في آخر ظهور له، عباءة المريد البودشيشي، وانطلق في عرض آيات وأحاديث قال إنها تمثل وضعه منها آية و«لا تزر وازرة وز أخرى»، مخاطبا المحكمة: «انتهى اليوم علم الأوراق وانتقلنا لعلم الأذواق»، وترجى المحكمة، عند النطق بالحكم، أن تأخذ الملف بقلبها لا بعقلها.

وبعدما دافع التازي عن نفسه بكونه طبيبا متميزا على صعيد الوطن العربي وليس طبيبا مجرما، تساءل عما إن كان لا يستحق وزوجته البراءة.

كشف الدكتور حسن التازى، في حديث صحافي سابق، سر الحوار الذي دار بينه وشيخ الطريقة القادرية البودشيشية بالمغرب والعالم الإسلامي الراحل الدكتور جمال القادرى البودشيشي حيث قال: «تحدثت مع  سيدى الشيخ جمال القادري  لمدة 50 دقيقة عن الأوضاع العامة للبلاد، وتزامن لقاؤنا بفترة كورنا، وتحدثنا عما ينبغي علينا كمريدين وفقراء في الطريقة  فعله وما هي الأذكار التي يجب أن نلتزم بها للوقاية من ذلك الوباء، وفي سبيل ذلك أوصانا سيدى جمال بأكثر من أمر يجب علينا فعله كمريدين، وأول هذه الأشياء هو الالتزام بتعليمات الدولة في هذا الشأن، والمكوث في المنازل والبيوت».

وأوضح التازي أن الدكتور جمال القادري جعل لكل مريد زاوية في داره، ومعروف للجميع أن الطريقة القادرية البودشيشية ينتمى لها ملايين المريدين بالمغرب وخارجه، وكل عائلة بالطريقة لديها الأذكار التي ترددها يوميا.

خلال نطق القاضي علي الطرشي بالحكم وإعلان قرار المحكمة ببراءة جميع المتهمين من جناية الاتجار بالبشر، استبشر الطبيب ومن معه، لكن القاضي أكمل كلامه: «كما قضت ببراءة عبد الرزاق التازي وفاطمة.ح من تهمة النصب، وتمت مؤاخذة جميع المتهمين في الباقي بحسب كل واحد وما نسب إليه، وقضت المحكمة بإدانة الحسن التازي بثلاث سنوات حبسا نافذا في حدود سنتين وموقوف التنفيذ في الباقي وغرامة مالية قدرها 20.000 درهم»، غادر التازي السجن وظلت زوجته في السجن تتابع مراحل الحكم.

 

فنانون مغاربة في صفوف مريدي الزاوية الصوفية   

يتردد الفنان بدر سلطان، واسمه المدون في الوثائق الرسمية هو بدر الزركاوي، على مقر الزاوية البودشيشية، وشوهد في أكثر من مناسبة دينية وهو رفقة مريدي الزاوية بل ربطته علاقات مع شيوخها وأبنائهم. ولعل قرب بدر من بركان باعتباره أحد أبناء مدينة أحفير التابعة لإقليم بركان، ساعده على التردد على الزاوية البودشيشية.

من جهته تزعم الفنان المغربي رشيد الوالي وفدا من الفنانين، في صيف 2021، وكان في استقباله الشيخ محمد جمال الدين البودشيشي نجل شيخ الطريقة البودشيشية، حيث أخذهم في جولة للتعرف على مقامات وأضرحة شيوخ الطريقة وكذلك إطلاعهم على تاريخ الزاوية في الجهاد ضد الفرنسيين والمستعمرين الذين حاولوا احتلال المغرب من خلال الدخول من الجهة الشرقية ولكن مريدي الطريقة كانوا للمستعمر بالمرصاد.

والتقي وفد الفنانين المغاربة بالشيخ جمال الدين البودشيشي ونجله الدكتور منير القادري، حيث تم التأكيد للوفد على الدور الروحي الذي تلعبه الزاوية البودشيشية، وكيف أنها قدمت الكثير للحفاظ على الهوية الدينية الوسطية للمجتمع المغربي وكذلك التصدي لأهل التطرف والعنف والتشدد الذين حاولوا كثيرا نشر أفكارهم بين المغاربة.

 

اللاعب حدراف ينضم لصفوف الزاوية البودشيشية

يعتبر اللاعب المغربي زكرياء حدراف من مريدي الزاوية البودشيشية، فقد ظهر في أكثر من تجمع ديني مع مريدي الزاوية الصوفية، سواء في مداغ بإقليم بركان أو في الدار البيضاء، خاصة في المناسبات الدينية، وهو ما أثار استغراب الكثير من الرياضيين الذين كانوا يجهلون الوجه الآخر من عملة هذا اللاعب المتمرد.

وفي شهر رمضان الماضي وضعت صورة زكرياء حدراف على ملصق تظاهرة دينية شهدها المركب الثقافي أنفا بالدار البيضاء، بحضور مريدي الزاوية البودشيشية وكثير من الرياضيين. والغريب في هذه التظاهرة أن حدراف استقطع من وقته 48 ساعة ليحل بالمغرب قادما من ليبيا حيث كان يخوض فترة احتراف، ويشارك في الملتقي الديني بالدار البيضاء ليعود بعدها إلى فريقه الصقور الليبي.

وتحدث اللاعب السابق لنادي الدفاع الحسني الجديدي والرجاء الرياضي ونهضة الزمامرة ونهضة بركان وصقور طبرق الليبي، في حديث صحفي عن ارتباطه بالزاوية البودشيشية وكيف تحول التصوف إلى شاحن معنوي للاعب في مساره الكروي، بل إن انضمامه لصفوف الفريق الليبي المتواجد في مدينة طبرق لم يمنعه من الالتزام بالفكر الروحاني، علما أن زكرياء حدراف خاض تجارب احترافية سابقة في الملاعب العربية، حيث لعب لفريق ضمك السعودي.

وحسب بعض الصحافيين المقربين من حدراف، فإن هذا الأخير استمد الفكر الصوفي في مرحلة احترافه في نهضة بركان التي لا تبعد كثيرا عن مقر الزاوية البودشيشية.

 

الأبعاد السياسية والاقتصادية للبودشيشية حسب الباحث لحسن السباعي

عرف الباحث لحسن السباعي الإدريسي بإصداراته التي تجعل المقاربة الصوفية جزءا لا يتجزأ من رؤيته العلمية للاقتصاد. وهو الذي أصدر عدة كتب حول الاقتصاد، والتصوف والاقتصاد، وهي: «التعليم والاقتصاد، أية علاقة»؟، «الصوفية والتضامن الاقتصادي في المغرب»، «التصوف والمجتمع»..

لكن كتابه «الخزينة العامة المغربية.. تاريخ وحياة» يلامس سيرته الذاتية، إذ تضمن مجموعة من المحطات ذات الصلة بالمسار العائلي والمهني، وذات صلة أيضا بتجربته الدينية الصوفية، وتضمن وقفات مع مجموعة من أحداث الساحة المغربية والدولية، في السياسة والاقتصاد والثقافة والدين.

الكاتب حسن السباعي أستاذ المالية العامة ومكون في محاسبة الدولة، شغل منصب خازن وزاري سابقا، وهو متخصص في تدبير الصفقات العمومية، تبنى ثقافة الاعتراف وتضمن المؤلف إهداء إلى الشيخ جمال القادري البودشيشي، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، وإهداء موجها أيضاً إلى أب الشيخ حمزة، الراحل حمزة القادري البودشيشي، «الذي ترك فراغا كبيراً في الساحة الصوفية المغربية، يصعب تعويضه، على غرار ما نعاين في حقول مجتمعية وأخرى، وإن كان الشيخ الحالي وفيا للأفق التربوي والإصلاحي النافع الذي كان يقوده الشيخ حمزة».

يقول الكاتب الصحافي منتصر حمادة: «إحدى المفارقات الدالة بالنسبة للمؤلف، والتي تجمع بين عمله في مؤسسة الخزينة العامة والانتماء للعمل الصوفي، تكمن في أن الالتحاق بالمؤسستين، أو بالعمل الإداري والعمل الديني، تم في الحقبة نفسهاً تقريبا، إذ التحق لحسن السباعي الإدريسي بمؤسسة الخزينة العامة للمملكة في 16 دجنبر 1980، وانضم إلى الطريقة القادرية البودشيشية في 27 يناير 1981. إضافة إلى حضور النهل الصوفي الذي يجعله مؤهلا كي يتعامل مع أوضاع الساحة بشغل مختلف مقارنة مع متابعة الذين ينهلون من التديّن الإيديولوجي، من قبيل التديّن السلفي الوهابي أو التدين الإخواني».

توقف المؤلف، إذن، عند موقف الطريقة القادرية من التعديل الدستوري، حيث شاركت في مسيرة الدار البيضاء الشهيرة، للإعلان عن موقفها المؤيد بالتصويت لصالح التعديل، وهو الموقف الذي كان سيد الميدان عند العامة والنخبة حينها.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي