جريدة البديل السياسي |البديل الوطني

إقليم سيدي بنور : باشا مدينة سيدي بنور يحجز معدات خلال تغطية ميدانية: سلوك سلطوي يضرب حرية الصحافة في عمقها.

521290939_781301330999556_6326718838459842950_n

جريدة البديل السياسي – نورالدين عمار.

في مساء يوم الأحد وصبيحة يوم الاثنين، وبينما كانت عدسات الكاميرا ترصد مشاهد تدخل السلطات المحلية لتحرير الملك العمومي وسط مدينة سيدي بنور، حدث ما لم يكن في الحسبان: باشا المدينة، وبحضور أعوان السلطة، أقدم على حجز معدات التصوير الخاصة بطاقم صحفي تابع لجريدة “صوت العدالة”، بدعوى عدم توفرهم على ترخيص مسبق للتصوير، رغم أنهم كانوا يؤدون عملًا مهنيًا في فضاء عام وضمن موضوع يهم الشأن العام.

الواقعة التي أثارت موجة استنكار واسعة في صفوف الصحفيين والحقوقيين، ليست مجرد حادثة معزولة، بل تعبير صريح عن واقع مقلق تعيشه الصحافة الجهوية والمحلية أمام سطوة بعض رجال السلطة الذين يبدو أنهم لم يستوعبوا بعد مضامين دستور 2011 ولا التوجيهات الملكية الواضحة بشأن دور الإعلام ومكانته داخل المجتمع الديمقراطي.

مراسلو “صوت العدالة”: ضحايا الشطط في استعمال السلطة حسب المعطيات التي توصلنا بها من الزملاء الصحفيين المعنيين، فإن حجز المعدات تم دون أي سند قضائي، ودون أي شرح أو تبرير من طرف باشا المدينة، الذي أدار تدخلاته بطريقة سلطوية لا تعترف حتى بالمهام المهنية للصحفيين أو باحترام القانون.

هذا التصرف، الذي وصفه شهود عيان بـ”السلطوي الصرف”، يثير تساؤلات جدية حول نوايا السلطة المحلية في التحكم في تدفق المعلومة بدل تسهيل ولوجها، بما يخالف الفصل 27 من الدستور المغربي. وأكد الزملاء الصحفيون احترامهم الكامل لأخلاقيات المهنة، وبيّنوا أنهم كانوا يوثقون عملية تدخل عمومي تتعلق بتدبير الشأن المحلي، ولا تمس بالأمن العام أو الحياة الخاصة. ولكن بالرغم من ذلك، قوبلوا بمنع وتصرف قمعي لا ينسجم مع حرية الإعلام وحق المواطن في المعرفة.

الخطاب الملكي: حرية الصحافة ليست ترفًا هذه التصرفات تتناقض جذريًا مع الخطابات الملكية التي أكدت على أهمية تمكين الصحافة من أداء دورها الرقابي والتوعوي في المجتمع. ففي خطاب العرش لعام 2019، شدد الملك على أن “حرية التعبير، وخاصة حرية الصحافة، هي أساس كل تقدم ديمقراطي، والإعلام المهني والملتزم له دور محوري في تعزيز دولة الحق والقانون وربط المسؤولية بالمحاسبة.

كيف يُعقل إذن أن تُصادر معدات صحفيين دون أمر قضائي أو حتى تفسير مقنع؟ وأين نحن من التزامات الدولة في حماية استقلالية الإعلام وتعزيز حريته؟ من القانون إلى الواقع: فجوة تتسع ينص قانون الصحافة والنشر رقم 88.13 في مادته الثالثة بوضوح على أنه “لا يجوز حجز أو مصادرة أي وسيلة إعلامية أو معداتها أو منعها إلا بمقرر قضائي.”

غير أن السلطة الإدارية المحلية بسيدي بنور، كما تبين الوقائع، تستمر في ممارسات تخالف هذا النص، مما يفتح الباب أمام المتضررين للطعن في هذه الإجراءات أمام القضاء الإداري والمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية. تساؤلات جوهرية حول دور السلطة المحلية ما حدث يؤكد أن عقلية “التحكم في الصورة والمعلومة” ما تزال حاضرة في ذهن بعض المسؤولين المحليين، الذين يفضلون التضييق والحد من حرية الإعلام بدلاً من دعم الانفتاح والشفافية التي تدعو إليها الخطابات الرسمية. الزملاء الصحفيون أكدوا أن هذا التصرف ليس الأول من نوعه في سيدي بنور، حيث يصعب في كثير من الأحيان الحصول على المعلومات، وتُقابل الكاميرا بوجوه متجهمة لا تعترف بمهام الصحفيين وحق المواطنين في الإعلام.

إن حجز معدات مراسلي “صوت العدالة” لا يمثل انتهاكًا قانونيًا فحسب، بل هو رسالة سلبية ومقلقة عن طبيعة العلاقة بين السلطة والإعلام، التي يجب أن تُبنى على الثقة والتكامل لا على التضييق والشك.

المعلومة التي تُمنع اليوم قد تتحول غدًا إلى إشاعة، والصحفي الذي يُمنع من التصوير قد يصبح شاهدًا على انتهاكات أكبر. إذا كنا نؤمن حقًا بمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، فيجب أن تبدأ مساءلة من اتخذ قرارًا خارج القانون بمنع كلمة صادقة وصورة حقيقية من الظهور.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي