غير مصنف

أحمد السقالي: مسيرة من الفكر والسياسة والتربية. بقلم الأستاذ جمال الغازي

بقلم الاستاذ جمال الغازي – جريدة البديل السياسي 

أحمد السقالي: مسيرة من الفكر والسياسة والتربية.

في زمن تكثر فيه التغيرات وتتباين فيه القيم، تبرز شخصيات استثنائية تملك القدرة على المزج بين الفكر العميق والالتزام الاجتماعي.

أحمد السقالي هو أحد هؤلاء القلائل الذين نجحوا في جمع الفلسفة والسياسة، التعليم والنضال، في مسيرة أضاءت طريقه وأثرت مجتمعًا بأسره.

وُلِد أحمد السقالي عام 1956 في بني سيدال، ليغدو لاحقاً من أبرز الأسماء التي بصمت بعمق في المشهد الثقافي والفكري بالناظور ومنطقة الريف. تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة أزغنغان، ثم انتقل إلى إعدادية الكندي وثانوية عبد الكريم الخطابي، حيث حصل على شهادة البكالوريا عام 1978.

بعدها، رحل إلى فاس ليغترف من ينابيع الفلسفة بجامعة ظهر المهراز، وتخرج بإجازة في الفلسفة عام 1982. كانت سنوات دراسته في فاس محطة حاسمة في تشكيل شخصيته الفكرية والسياسية.

تأثر بعدد من الأساتذة المرموقين، مثل الحسني عمر، ومحمد المصباحي، وعبد الصمد الديالمي، وارتبط بزملاء تركوا بصماتهم في فكره ونضاله، مثل عبد الصادقي بومدين، عمر بيجو، أحمد حموشي، والراحل عبد السلام أزيزا.

تلك التجربة الجامعية صقلت هويته الأيديولوجية وأعدته للانخراط الفعلي في مسار سياسي وثقافي ترك أثرا عميقا. بدأ السقالي مسيرته المهنية كأستاذ للفلسفة في ثارگيست عام 1982، وانتقل بعدها إلى أزغنغان حيث نال احترام طلابه بأسلوبه العميق في التدريس، إذ كان يحثهم على التفكير النقدي، مما جعل منه ليس مجرد معلم بل مفكر يغرس التساؤل في نفوس الجيل الجديد.

بفضل تفانيه، شغل منصب مدير ثانوية طه حسين، مواصلًا رسالته التعليمية حتى تقاعده. ولم يكن عمله التربوي إلا وجها من وجوه نضاله.

فقد انخرط في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ أيام دراسته، ثم أصبح عضوًا فاعلاً في حزب التقدم والاشتراكية الذي رشحه لخوض الانتخابات التشريعية عام 1997.

كما أسهم بنشاط في العمل الجمعوي، حيث قاد جمعيتين بارزتين: “ين أومازيغ للتجديد الثقافي” بين عامي 1996 و2000، و”بن أومازيغ للبيئة والتنمية” بين 2000 و2004، وقد كان لهما أثر واضح في تعزيز الوعي الثقافي والبيئي في المجتمع الريفي.

وإلى جانب دوره التربوي والسياسي، عزيزنا أحمد السقالي كاتبا متمكنا، له أعمال مميزة من بينها “مختصر القاموس الريفي” الذي يُعد مرجعا لغويا مهما، ومجموعة قصصية بعنوان “سفر الذاكرة” التي تجسد عمق تجربته الإنسانية وتلامس التاريخ والمكان. هذا الإنتاج الأدبي يعكس رؤيته الفلسفية وقدرته على النظر إلى العالم بعين ناقدة.

يتحدث عنه صديقه المقرب عبد الصادقي بومدين قائلا: “أحمد السقالي هو مناضل سياسي ومثقف ومربي، لا يطمئن إلى إجابة واحدة، شغوف بالمعرفة ويطرح دائمًا أسئلة جديدة.

كما يقول صديقنا عمر بيجو في شخصيته : “السي أحمد صديق الدراسة، خاصة الجامعية، عشت معه زمن العشق الفلسفي، كان مولعا بمناقشة القضايا الفكرية بنقد ذكي وهزل ممتع، يملك حسّا إبداعيا في القصة القصيرة ويجيد الرسم؛ إنه مبدع بامتياز.” بينما يضيف الأستاذ محمد بوعمار: “الأستاذ أحمد جار قديم وصديق دراسة، قدّم الكثير في تعليم الأجيال، أتمنى له دوام الصحة وطول العمر.”

على المستوى الشخصي اقول : أحمد السقالي شخصية هادئة، ذكية ومنصفة حتى في اختلافه مع الآخرين. يتمتع بقدرة على التواصل وحضور دائم في الأنشطة الثقافية، مما يعكس التزامه العميق بقضايا الفكر. وفي إطار جهوده لنشر الوعي، أطلق صفحة إلكترونية بعنوان “سفر في الذاكرة”، بالتعاون مع الرفيق جمال حضرية، لتكون منصةً تقاوم موجة التفاهة وتثري الفكر على وسائل التواصل.

باختصار، أحمد السقالي هو روح فكرية، وقلب مناضل، ومعلم أضاء دروب من حوله بفكره العميق ورسالته النبيلة، ليبقى إرثه الفكري والاجتماعي حيا ومؤثرا. دمت لنا رفيقا غاليا

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار