كتاب وآراء

من أوراق مهملة فوق الرفوف … النـــــــــــــــــظـــــــــــافـــــــــــة… بقلم ذ.  محمادي راسي

 

جريدة البديل السياسي           –              بقلم ذ.  محمادي راسي

 

من أوراق مهملة فوق الرفوف 

""""""""""""""""""""""""

النـــــــــــــــــظـــــــــــافـــــــــــة

                  &&&&&&&&&&&&&&

                   النظافة هي محاربة الوسخ والدنس ،وترادفها الطهارة التي هي ضد النجس ، والتمسح بالماء ومن الماء ؛اغتسل ،والغسل إزالة الوسخ بواسطة ماء وأشنان،  ثم الوضوء الذي هو النظافة والحسن، والاغتسال بالوضوء بفتح الواو ، وهو مرتبط بالصلاة كل خمس مرات في اليوم ،النظافة هي أعم من الطهارة والوضوء، لأن الأخيرين مرتبطان بالإنسان أكثر ، فهناك طهارة الحدث والخبث والنجاسة ،الطهارة الكبرى والطهارة الصغرى ،ودور النظافة مهم في حياة الإنسان ،ففي حالة العجز أو المرض  أو انعدام الماء لا بد من التيمم (تيمم أصله تأمم أبدلت الهمزة ياء ) لكي لا يكون الإهمال ،فهو تذكير للإنسان أنه لا بد من النظافة ،ومعناه التوخي والتعمد لعدم نسيان الصلاة التي هي عماد الدين ،والنظافة من الإيمان ،والوسخ من الشيطان كما يقول عامة الناس ،ويقال الإنسان نظيف الأخلاق أي مهذب ،ونظيف السراويل أي عفيف ،ورجل طاهر الثياب أي منزه ،والسواك مطهرة للفم ، أي أن يكون كلامه حسنا وجميلا ،والمطهر بسكون الطاء وفتح الهاء؛ مكان حيث تطهر النفس بعد الموت بعذاب له أجل محدود …ااا؟.

         النظــــافة لا تحتاج إلى اليوم العالمي ،ولا تتوقف على المناسبات والزيارات والمواسم ، لأننا في كل خامس من يونيو نقوم بحملات تنظيفية للمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث ،وأين  الأيام الباقية من السنة.؟ وما نصيبها من النظافة .اا؟.

             النظافة من الإنسان وإلى الإنسان تبدأ من ؛/المرحاض /البيت / الباحة / الغلباء / الشوارع / الحدائق /العمارات / الأحياء / والأخيرة أي الأحياء تشكل المدينة ،وهكذا  على الصعيد المحلي والجهوي والوطني تنظيفا وتطهيرا يوميا ،وهلم جرا ودواليك .   

                           النظافة محاسنة الناس طرا، واجتناب مخاشنتهم ،والسخرية بهم ،النظافة محاربة الطمع والجشع والمنكر، والسلوك القذر  والتحايل على حقوق الناس للسيطرة عليها، ثم أكلها بطرق مألوفة ، وبتعاون مع منعدمي الأخلاق المتسخة ضمائرهم ،والفاسدة أخلاقهم وأفكارهم ،  والمسح في أقوالهم ، والكسل في أعمالهم ،إنهم يحتاجون إلى شهادات،زيادة عن ديبلوماتهم ،وهي شهادة نظافة العقل واللسان والجسم ،وشهادة الضمير المهني .وشهادة التربية في طرق التواصل مع المواطن .

                   النظافة  دعامة أساسية في التواصل حتى في صلاة يوم الجمعة ، الإنسان الوسخ المتسخ في لباسه ولسانه وعقله وفكره ،لا يستطيع التواصل لأنه منبوذ ، يحمل أمراضا معدية ، يخرف ويهذي ،ويهرف  بما لا يعرف ، فهو أخبط من حاطب ليل ،ويقول ما لا يفعل .

             أن نبدأ من نظافة أنفسنا قاطبة وهي نظافة صغرى ،ثم  ننتقل إلى النظافة الخارجية وهي نظافة كبرى ،بالمداومة والمواظبة والمواكبة  والمساعدة والمراقبة والمحاسبة ،النظافة هي مقياس حضارتنا وتمدننا ، والحكم على حسن  سلوكنا ومستوى فكرنا ، و مدى رقينا وتقدمنا .، إن الأعمال الخيرية والمساعدات الاجتماعية هي نظافة كبرى ،ستقودنا إلى محاربة الفقر ونشر ثقافة التضامن  ، والنقد البناء وتغيير المنكر والاحتجاج هذه العوامل الإيجابية الناجعة ستقودنا إلى محاربة الفساد ، وتنظيف الإدارة من المتهورين النطع ، المبرقطين والمبرقلين والمتجلقين  والمبرقشين في أقوالهم وأفعالهم الذين نصادفهم في شوارع هذه المدينة البريئة .

                إننا في حاجة ماسة إلى نظافة اقتصادية وصحية لمعرفة أين يذهب المال العام ،وأين يصرف وأين ينفق  ؟ ومن يتحمل مسؤولية صرفه ؟وكيف تم إنفاقه و إنفاده وإنفاذه ؟،بعد ذلك يمكن أن نقول ما يقولون ؛من أين لك هذا ؟.

إن الاحتفال بيوم كذا وكذا هو تحسيس وتذكير لأن الإنسان بطبعه ينسى ، يمر اليوم المحتفى به ثم يعود الإنسان إلى الإهمال والدندنة والديدان والفتفتة .

                   النظافة أخلاق وثقافة ،بالأخلاق تتماسك الشعوب وتبقى مستمرة ،وبالثقافة ترقى الأمم من الحيوانية إلى الإنسانية، ومن الجمود والاتباع  إلى التحرر والابتداع . 

               النظافة سلوك ومادة أساسية وضرورية كالماء والهواء والغذاء .فحتى المدارس من أهدافها التربوية ؛ النظافة ، لأنها تقوم بحملات تنظيفية للمحافظة على فضائها وجدرانها وحجراتها ،بها أي النظافة  ننتقل من التخلف إلى الحضارة ،ومن البدائية إلى المدنية ،،ومن الهمجية إلى العقلانية ،كما أننا بأفكارنا النيرة ، ننتقل من الديكتاتورية إلى الديمقراطية ،ومن القمع إلى الحرية ، وبالاحتجاج نضمن كرامتنا ونسترد حقوقنا ومستحقاتنا ،ندحر كل سلوك فاسد ، ونقف في وجه كل انتهازي مستبد ، ومعتد غاشم أثيم . 

                النظافة جمال وخير ورحمة وصحة ورقي ،كل ما هو جميل يسحرك ويغريك ، فالمدينة النظيفة الخالية من كل ما هو قبيح ،تكون جميلة بشوارعها المليئة بالحركة ، ومقاهيها حافلة بالناس الساكنين والزائرين ، حتى الطيور تحوم في فضاء حدائقها ، في هذا الجو يحدث الرواج التجاري في جميع متطلبات ومستلزمات الإنسان؛ من ضروريات وكماليات ، في ظل هذا الجو النظيف البهيج ، يشعر الفرد بالابتهاج والاطمئنان ،وينتعش الاقتصاد وتزدهر البلاد .(واللي ما شرى يتنزه ولكن في فضاء نقي).

              النظافة محاربة للأمراض المعدية  الفتاكة التي تفتك بالإنسان ،ولا بد من الوقاية ،وبها نحارب الميكروبات والجراثيم والبكتيريا والفيروسات وغيرها .

          نعم لسياسة النظافة من حيث التسيير والتطبيق والتدبير ،لا للنظافة السياسية الموسمية والمناسبات ،نعم للنظافة اليومية مع المداومة والمواظبة ، فحتى المحركات بأنواعها والآلات المتنوعة تستلزم تنظيفها ومسحها وتشحيمها ….

لا غرو ولا ريب أن النظافة تحتاج إلى  آلات متعددة ،ذات تقنية جيدة ناجعة ،تسهل عمل القائمين بنظافة المدينة ،ثم تتطلب ميزانية ضخمة ،وتكلف أموالا باهظة ،وهي مشكل عويص، وعمل شاق بالنسبة للعامل ،ولمسيري الشأن المحلي والجهوي والوطني ، ففي الستينيات كان المكانسون يعتمدون على مكنسة وعربة صغيرة لكنس الشوارع  

نعـــــــــــم للاحتفال باليوم العالمي للبيئة ، والأيام الأخرى ولكن إذا غاب عنصر المواظبة، يبقى ما يحتفل به كتذكير عابر دون جدوى ، أو  كتحسيس مر كنسيم فقط ، أو كسحابة صيف ،أو كومضة ملفتة.

              وأخيرا أن تكون النظافة سلوكا وعملا ومادة أساسية وضرورية كالماء والهواء والغذاء ، وليست المحافظة على النظافة بالكلام والحديث والمناظرة والمقالة ، وإنما بالعمل والاستمرار وكما قال ميكافيلي"(ليست المحافظة على الدولة بالكلام "). "ولكن أصحاب الضمائر المتيقظة يرون واجبهم ولو كان عبر أكثر الطرق إيلاما" جورج إليوت

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار