جريدة البديل السياسي |منبر البديل السياسي

دور جمعيات القنص في التنمية المستدامة للغطاء الغابوي و المحافظة على الإرث الايكولوجي

images (2)

جريدة البديل السياسي- محمد السلامي – اكادير

ما هي التحديات / الإشكاليات المطروحة ؟

كراء حق القنص وأثره على المجال الغابوي والساكنة
القنص هو أقدم نشاط عرفه الإنسان منذ وجوده على وجه الأرض، مارسه قبل وبعد مرحلة الزراعة والإستقرارليقتات من لحوم مختلف أصناف الحيوانات المعروفة أنذاك، ولإبعاد المفترسة منها التي كانت تهدده وتهدد ماشيته باستخدام أدوات بدائية تقليدية، كالقوس والنشاب والغبية والمفقاس والشبكة … ، ومع مرور الوقت أصبحت كرياضة وهواية من هواياته المفضلة يمارسها بوسائل متطورة، كالسلاح الناري والكلاب والصقور المدربة.

للقنص فوائد عظيمة، فهو رياضة مفيدة وممتعة يتنفس بها القناص عن أحزانه، وهمومه، ومتاعبه اليومية، وتلقنه كباقي الرياضات الصبر والتحدي ، وتزرع فيه حب التضامن والتعاون واحترام غيره، وتقوي عقله و جسمه، وتحميه من بعض الأمراض المترتبة عن قلة الحركة، والخمول والكسل، وتعلمه الدقة والتركيز، بالإضافة الى التعرف على مختلف المناطق، وتضاريسها، وثروتها الغابوية والحيوانية، وعادات وتقاليد سكانها، والتواصل معهم، ولا يجب نسيان أنه وسيلة للكسب والرزق من خلال ما يوفره من شتى أصناف لحوم الطرائد المصطادة.

يبدأ موسم القنص بالمغرب كما هو معلوم في بداية شهر أكتوبر وينتهي في أواخر شهر دجنبر من كل سنة، وهو نشاط كان يتم سابقا في أراضي الدولة والمجالات الغابوية بدون مقابل، الا أنه أصبح في السنين الأخيرة يتخذ طابعا ماديا إستثماريا لبعض الشركات والجمعيات من خلال إستفادتها من كراء حق القنص التي تشجعه إدارة المياه والغابات و التي وضعت استراتيجيات و مخططات لانجاحه الشيء الذي تنتج عنه عدة آثار، منها إيجابية وأخرى سلبية مؤثرة في المجال الغابوي والساكنة القروية.

يتضح من خلال قانون مراقبة القنص بالمغرب، والقوانين المعدلة بنوده بأنه يمكن للدولة أن تقوم بكراء حق القنص لأي شخص ذاتي مالك للأرض أو حائز لها شريطة أن تكون محفظة، أو أن يدلي بوثيقة تثبت حيازته لها بدون منازع، وأن لا تقل مساحتها عن 50 هكتارا، أو لأي شخص معنوي ( جمعية مثلا ) .

و كراء حق القنص يقع على نوعين من الأراضي :

ــ أراضي غير مملوكة للخواص التي لم يتم كراء حق القنص بها لفائدة مالكها أو حائزها والتي لم يتم منع حق القنص بها من طرف هذا الأخير.

ــ أراضي مملوكة للخواص والتي يطلب مالكها أو حائزها كراء حق القنص بها لفائدته.

للحصول على كراء حق القنص في الأراضي غير المملوكة للخواص يجب الخضوع لبعض المساطر القانونية التي تهم المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والوحدات الإدارية الإقليمية والجهوية التابعة لها، و الجهة الراغبة في كراء حق القنص، كتحديد الأراضي موضوع الكراء، وطلب العروض بواسطة أظرفة مختومة، أو مناقصة عمومية بالمزاد، أو مسطرة التفاوض، والطلب الخطي والوثائق المرفقة له…

ويجب على المدير الإقليمي للمياه والغابات قبل أن يوقع كراء حق القنص مع أية جهة أن يقدم مشروع أو مشاريع الكراء الى المجلس الجماعي المعني للمداولة فيها، ثم رأي الجامعة الملكية المغربية للقنص داخل أجل ثلاثة أشهر،
وللإشارة أن مقررات المجلس الجماعي غير قابلة للتنفيذ الا بتأشيرة من وزيرالفلاحة التي ترسل إليه من قبل عامل الإقليم، وتعتبر مؤشرا عليها في حالة لم يؤشر عليها الوزير المذكور عند انصرام سنتين، وفي حالة رفضها يجب أن يعلل ذلك بأسباب.

أما كراء حق القنص على أراضي الخواص فيتكلف المدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بتقديم الى السلطة الإدارية بالعمالة أو الإقليم قبل فاتح غشت من كل سنة بلائحة العقارات التي تم كراء حق القنص بها لفائدة مالك العقار أو حائزها، وفي حالة نقل ملكية العقار الذي تم كراء حق القنص به يجب على المالك السابق التصريح للمدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر المعني بواسطة رسالة مضمونة في ظرف شهر الذي يلي تاريخ نقل الملكية.

إن كراء حق القنص سلاح ذو حدين له آثار إيجابية وأخرى سلبية على المجال الغابوي، والساكنة القروية ، ففيما يخص الآثارالإيجابية، فهو يقوم بتنظيم القنص وتحسين جودته، وتوفير الوحيش، وتنويعه بالقضاء على القنص العشوائي، وتحديد حصة كل قناص أو الجمعية في كل رحلة صيد، ويؤدي الى الحفاظ على الملك الغابوي من خلال الحد من الإستنزاف، والرعي الجائر، وقلع الأشجار، و إشعال الحرائق، ومنع إستغلال الغابة وتحويلها الى فضاءات معمارية، كما أنه يوفر الدخل المادي لمصلحة المياه والغابات ومحاربة التصحرالذي توظفه للنهوض بالمجال الغابوي وحمايته من كل الأخطار.

أما بالنسبة للآثار السلبية، فيمكن القول بأن كراء حق القنص لأصحاب المال والنفوذ يحرم الضعفاء و البسطاء من المواطنين القرويين وغيرهم من الإستفادة من ثروتهم الغابوية والحيوانية، رغم أن المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحرتعترف بأن الغابة ملك للجميع، كما أن عدم إحترام بعض جمعيات القنص لدفتر التحملات يؤدي ببعض عناصرها الى الخروج عن القانون من خلال إقتحام محميات أخرى، أو مزاحمة باقي القناصة في الأراضي غير المكتراة مما يعني أنهم يستفيدون من مجالين محمي وغير محمي في غياب أي نص قانوني يمنعهم من ذلك بخلاف القناصة غير المنخرطين في أية جمعية، وأحيانا يقومون برحلات قنص غير منظمة يستغلون فيها الغابة بأبشع الطرق من خلال عدم إحترام عدد الطرائد المخصصة لكل قناص، أو الجمعية التي ينتمون إليها، أو إصطياد الوحيش الذي يمنع قنصه،
من المعلوم أن من أهداف تنمية المجال الغابوي هو تكريس حق الإنتفاع للساكنة القروية من خلال الرعي، وجمع الحطب اليابس، وفق ضوابط قانونية، لكن قيام بعض الأشخاص الذين يكترون حق القنص بتسييج أجزاء منه المحمي بالأسلاك ليطلقوا فيه الوحيش للتكاثر لاستغلاله في مواسم القنص يؤدي الى حرمان الساكنة القروية من حق الإنتفاع المذكور، كما أن مصادقة المجالس الجماعية على كراء حق القنص هو إعتراف ضمني بأن الأراضي المكتراة ملك غابوي ولو أنها ملك للخواص ورثوه أب عن جد، وتصرفوا فيه لعقود بدون حجج بسبب تعقد مساطر الحصول على وثيقة الملكية، ومما يزيد الطين بله هو أن مداخيل كراء حق القنص تستفيد منه مصلحة المياه والغابات في الوقت الذي كان من الضروري أن تصب في حسابات الجماعات القروية لتوظيفها في تنمية مجالها الترابي، والنهوض بسكانها إقتصاديا واجتماعيا.

إن الهدف من كراء حق القنص لأي شخص ذاتي أو معنوي ليس هو التحكم في المجال الغابوي، أو إستغلاله أبشع إستغلال برحلات صيد عشوائية ممتعة، أوالتلذذ بلحوم مختلف أصناف الطرائد، وقطع الطريق على الساكنة القروية بتسييج بعض المحميات، واقتحام مساكنها، وأراضيها، والتسبب في حوادث تؤذيها… ، بل وضع من أجل المساهمة في ترشيد إستغلال موارد المجال الغابوي ، وتنمية ثروته الحيوانية ، ومحاربة القنص المحظور، مع احترام الآجال القانونية للمداولة فيها، لسد أي ثغرة تستغل من قبل الأشخاص الذاتيين أو المعنويين الذين يلهثون للإستحواذ على الملك العام واحتكاره حتى ولو كان في قمم الجبال الشامخة.
ومن اهم الاشكاليات الخطيرة كدالك التي تهدد الثروة الحيوانية في المغرب هي اطلاق بعض الاصناف من الوحيش كالحجل المربى و المغير الجينات وجعله دخيلا على الحجل الوحشي الدين يعيش مند عقود في غابات و سهول المغرب .
إن غياب أي استراتيجية واضحة من طرف إدارة المياه والغابات و عدم اشراك جمعيات المجتمع المدني في تدبير هدا القطاع أدى إلى تسيب واضح من خلال انتشار القنص و الصيد العشوائي بجميع الوسائل كما ان الغطاء النباتي تدهور بشكل كبير بسبب الرعي الجائر و عوامل أخرى…..

ما هو الحل المقترح ؟

علاقة بما سبق و كمقترح على الحكومة أن تقدم مشروع قانون بموجبه يجب إعتماد مؤسسة أو وكالة خاصة بالقنص و تنمية الوحيش و المحافظة على المجال الغابوي . ويكون القناص شريك بموجب انخراطه في الجامعة الملكية مغربية للقنص و ب :
– اعتماد صندوق خاص بالقنص يحتوي على عائدات ادون القنص و عائدات مخالفات القنص و عائدات كراء حق القنص بالنسبة لمكريات القنص الموجر و السياحي .
تتولى هاته الوكالة مهمة
– الحفاظ على المجال الغابوي و تنمية الوحيش و الموروت الايكولوجي بشتى أصنافه باعتماد أطر و مهندسين متخصصين.
– محاربة ظاهرة الصيد العشوائي بتكتيف مراكز المراقبة على صعيد كل إقليم
– عقد شراكة مع الجامعة الملكية المغربية للقنص من أجل تنمية الوحيش و تنمية الموارد والأراضي الغابوية
– عقد لقاءات تواصلية مع جمعيات القنص من أجل التاطير و المواكبة
– انجاز مخطط خماسي من أجل قنص مستدام بمشاركة جمعيات القنص الفاعلة في الميدان ……

ما هي النتائج المنتظرة ؟

تنمية مستدامة للوحيش والارث الايكولوجي و توريثه للاجيال القادمة.
المحافظة على الوحيش الطبيعي
قنص مستدام يراعي ظروف الطبيعة
استقلالية اتخاد القرارات باعتماد وكالة وحيدة تعنى بهدا القطاع

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي