جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

حرية التعبير… أم مسرحية لتصفية الحسابات داخل دورات المجالس؟

8115044209159905717

جريدة الديل السياسي-الكاتبة : حليمة صومعي

يُعتبر الحق في حرية التعبير من أبرز المكاسب الدستورية التي يفتخر بها المغرب، باعتباره ركناً أساسياً من أركان الديمقراطية التشاركية ووسيلة لإشراك المواطن في قضايا الشأن العام. غير أن ما يجري داخل كثير من دورات المجالس المنتخبة يطرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة ممارسة هذا الحق: هل ما نعيشه اليوم هو تجسيد لحرية التعبير المسؤولة، أم مجرد مسرحية لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية؟

المتابع لأشغال بعض المجالس المحلية والجهوية يلحظ أن القاعات، التي من المفترض أن تكون فضاءً للنقاش الديمقراطي وتبادل الأفكار بهدف خدمة التنمية، تتحول إلى منابر للمزايدات، حيث يتقاذف الأعضاء التهم ويغرقون في خلافات جانبية لا علاقة لها بالانتظارات اليومية للمواطنين. هذه الممارسات تجعل من “حرية التعبير” أداة للصراع بدل أن تكون جسراً للتواصل والحوار البنّاء.

المؤسف أن المواطن، الذي وضع ثقته في المنتخبين عبر صناديق الاقتراع، يجد نفسه متفرجاً على صراعات عقيمة، في وقت كان ينتظر فيه حلولاً ملموسة لمشاكله اليومية: البنية التحتية، التشغيل، الصحة، التعليم، والنظافة.

كل مسرحية مفبركة داخل قاعات المجالس، وكل اتهام متبادل لا سند له، يشكل طعنة في ظهر الديمقراطية الناشئة، ويُضعف الثقة بين المواطن ومؤسساته المنتخبة. وهنا تكمن الخطورة: حين يشعر المواطن بأن صوته الانتخابي لا جدوى منه، وأن المؤسسات لا تعكس تطلعاته، تتسع الهوة بين الشارع والمجالس المنتخبة، وتضعف قيم المشاركة السياسية.

حرية التعبير، في معناها النبيل، ليست مجرد شعارات ولا فرصة لتسجيل النقاط على الخصوم، بل هي مسؤولية تفرض على المنتخبين أن يجعلوا من كل كلمة أداة لتنوير الرأي العام واقتراح البدائل والحلول. فالسياسة ليست استعراضاً فارغاً، وإنما التزام بأولويات التنمية والإنصات لنبض الشارع.

المجالس المنتخبة ليست مسارح للفرجة ولا ساحات لتصفية الحسابات، بل هي مؤسسات دستورية وُجدت لخدمة الصالح العام. على المنتخبين أن يستحضروا ثقل الأمانة التي وضعها فيهم المواطنون، وأن يدركوا أن الكرسي تكليف لا تشريف، ومسؤولية لا غنيمة. فالتاريخ لا يرحم، والمواطن لن يغفر لمن حوّل حقه في التنمية إلى مشاهد عبثية داخل قاعات المفروض أن تكون عنواناً للجدية والمصداقية.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي