جريدة البديل السياسي |الجماعات الترابية

جماعة بني تسيريس… قرارات المجلس تُجهَض وملفات التنمية تُجمَّد بسبب نزوات الرئيس .

téléchargement (29)

جريدة البديل السياسي – نورالدين عمار .

تعيش جماعة بني تسيريس بقيادة العونات، إقليم سيدي بنور، على وقع احتقان غير مسبوق داخل مجلسها الجماعي، بعد تفجر أزمة حادة بين رئيس المجلس وعدد من الأعضاء المنتخبين، بسبب امتناع الرئيس عن تنفيذ مقرر المجلس المتخذ في دورة استثنائية خلال شهر غشت 2025، والمتعلق ببرمجة مسالك طرقية قروية حيوية لفائدة ساكنة تعاني العزلة والتهميش منذ سنوات.

بحسب الشكاية التي وجهها أعضاء المجلس الجماعي إلى السيد عامل إقليم سيدي بنور، فإن المجلس صادق بالإجماع خلال دورته الاستثنائية على اقتراح مسلكين طرقيين ليتم إنجازهما في إطار برنامج الطرق القروية لجهة الدار البيضاء – سطات، بعدما تم إعداد الدراسات التقنية والمصادقة على الملف من طرف الجهات المختصة.

غير أن المفاجأة الكبرى – كما ورد في المراسلات الرسمية – كانت في رفض الرئيس التوقيع على محضر المعاينة الميدانية مع اللجنة الجهوية يوم 29 أكتوبر 2025، بدعوى أن المسالك المقترحة من طرفه لم تؤخذ بعين الاعتبار، رغم أن هذه الأخيرة لم تكن ضمن مقررات المجلس ولم تحظَ بأي تصويت أو مصادقة قانونية.

الوثائق التي توصلت بها جريدتنا تكشف أن الرئيس اقترح مسالك تخدم أساساً دائرته الانتخابية، لا تبعد عن الطريق الوطنية رقم 11 سوى بثلاث كيلومترات، في حين تم تهميش المسالك التي تهم مناطق نائية ومعزولة على الحدود مع إقليم الرحامنة، حيث يعاني السكان والتلاميذ من صعوبات يومية في التنقل نحو المدارس والمراكز الصحية.

كما تفيد المراسلات أن أحد المسالك التي يقترحها الرئيس سبق أن تم تهيئته جزئياً، لكنه عرف نزاعات قضائية وتحفيظاً للعقارات على جنباته مما جعل عرضه لا يتجاوز 5 أمتار فقط، وهو ما يجعل إنجازه غير قابل للتطبيق تقنياً وقانونياً، حسب تعبير الأعضاء الموقعين على الشكاية. في المقابل، أبان مجلس جهة الدار البيضاء – سطات عن تجاوب سريع وجدي، حيث وجه مراسلة رسمية (عدد 5234 بتاريخ 28 أكتوبر 2025) إلى عامل الإقليم، معلناً عن إطلاق الزيارات الميدانية للجماعات التي أتمت ملفاتها التقنية قصد برمجة المشاريع. لكن عوض أن يواكب الرئيس هذا المسار التنموي، اختار – حسب الشكاية – الانسحاب وعرقلة العملية بتبريرات واهية، مما يهدد بتعطيل مشروع استراتيجي ينتظره آلاف المواطنين في العالم القروي.

الأعضاء الموقعون على الشكاية، ومن بينهم نواب الرئيس ورؤساء لجان، أكدوا أن ما يحدث يمس جوهر الديمقراطية المحلية، لأن الرئيس ملزم قانوناً بتنفيذ مقررات المجلس لا تعطيلها، داعين عامل الإقليم إلى التدخل العاجل لإلزامه باحترام القانون وإنقاذ المشروع قبل فوات الأوان. القضية تكشف عن اختلالات عميقة في تدبير الشأن المحلي، حيث أصبحت القرارات التنموية رهينة الحسابات الانتخابية الضيقة، بدل أن تخضع لأولويات الساكنة والمصلحة العامة.

وتطرح الواقعة تساؤلات حارقة حول مدى فعالية المراقبة الإدارية التي تخولها القوانين التنظيمية للسلطات الوصية، خصوصاً في ظل إصرار بعض الرؤساء على احتكار القرار التنموي وتهميش المؤسسة التمثيلية التي تمثل الإرادة الشعبية.

ما يجري في جماعة بني تسيريس ليس مجرد خلاف عابر داخل مجلس منتخب، بل هو نموذج مصغر لصراع السلطة داخل الجماعات الترابية بين من يؤمن بالمؤسسات ومن يوظفها لخدمة المصالح الضيقة.

وبينما تترقب الساكنة أن ترى طرقها تُعبّد ومدارسها تُربط بمسالك لائقة، يظل القرار حبيس مكتب الرئيس في انتظار تدخل حازم من سلطات الرقابة الإدارية لإنصاف المجلس والساكنة معاً.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي