جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

ثورة ضرورية في الصحافة الإلكترونية: حين يتغير القارئ ويجب أن يتغير الأسلوب ضرورة 

Screenshot_20240920_205608_Gallery

جريدة البديل السياسي – شاشا بدر 

ثورة ضرورية في الصحافة الإلكترونية: حين يتغير القارئ ويجب أن يتغير الأسلوب ضرورة

 

الصحافة الإلكترونية في حاجة ماسة اليوم إلى ثورة تطوير حقيقية تخرجها من النمط التقليدي الذي ما زالت بعض المنصات حبيسة له، إلى فضاء أكثر ابتكارًا وحداثة، يواكب تطور الذوق العام وسرعة الإيقاع الذي أصبح يتحكم في كل شيء. لم يعد القارئ مستعدًا لقراءة مقالات طويلة ومتشعبة، كما لم يعد يحتمل المواقع المعقدة التي تتطلب وقتًا وجهدًا في التصفح، بل أصبح يبحث عن الخلاصة، عن الفيديو، عن الصوت، عن الصورة، عن البودكاست، عن كل ما يمكنه أن يوفر عليه الجهد والزمن في الحصول على المعلومة.

 

الصحافة لم تعد مجرد كتابة، بل أصبحت مرئية ومسموعة، أصبحت تفاعلية، تتحرك باللحظة وتواكب الأحداث مباشرة بالصوت والصورة، ولم يعد مقبولًا أن تكتفي المنصات الإخبارية بالنقل البارد للخبر أو نشر بيان صحفي مكرر، في زمن يشاهد فيه الناس الحدث لحظة وقوعه. فالمطلوب اليوم هو التوجه نحو النقل المباشر للأخبار، سواء كانت سياسية، اقتصادية، ثقافية، أو رياضية، مع تخصيص استوديوهات تحليلية مواكبة تشرح وتفسر وتناقش بلغة مفهومة للجميع. الرياضة مثلاً، التي تشد ملايين المتابعين، تحتاج إلى متابعة لحظية وتحليل مباشر يعكس حماس الشارع وآراء الجمهور، لا مجرد مقال عابر بعد يوم من المباراة.

 

ولا يتوقف الأمر عند المحتوى فحسب، بل يجب أيضًا تطوير طريقة العرض نفسها. فأن يكون الموقع بسيطًا، سهل التصفح، منظمًا حسب المواضيع، ويتيح معرفة كل جديد بضغطة واحدة، هذا أمر بات ضروريًا. كما أن توفير خاصية القراءة الصوتية الآلية للمقالات سيكون له تأثير كبير، خاصة لمن لا يملك وقتًا للقراءة، أو لذوي الاحتياجات الخاصة، أو لمن يحب الاستماع أثناء العمل أو التنقل. فالصوت الآلي القارئ للمقالات يمكن أن يكون حلًا عمليًا وناجحًا، وسيدفع بالمحتوى نحو جمهور أوسع.

 

الكتابة نفسها يجب أن تتغير. أسلوبها، لغتها، طريقتها في السرد، يجب أن تخرج من جمودها القديم، وتتحول إلى كتابة أكثر حياة، أكثر تفاعلًا، أكثر قربًا من المتلقي الجديد. ليس القارئ اليوم كما كان قبل عشر سنوات. هو اليوم تفاعلي، ذكي، لا يقف عند كل كلمة، ولا ينجذب إلى النصوص الطويلة، بل يميل إلى الفيديوهات القصيرة، إلى الملخصات، إلى البودكاست الذي يلخص مقالًا طويلًا في دقيقتين، إلى أخبار مصورة تجيب على كل تساؤلاته في أقل من دقيقة.

 

الصحافة الإلكترونية يجب أن تواكب هذا التحول، أن تعترف أن القارئ تغير، وأن أدوات التلقي لم تعد كما كانت، وأن لغة المحتوى وأساليب تقديمه تحتاج إلى تجديد مستمر. الابتكار اليوم لم يعد خيارًا، بل هو شرط أساسي للبقاء في ساحة إعلامية تتغير كل ثانية. ومن لا يبتكر، سيجد نفسه خارج اللعبة، مهما كان محتواه غنيًا أو عريقًا.

 

إن الاستثمار في الفيديو، وتطوير البودكاست، واستخدام الذكاء الاصطناعي في قراءة المقالات، وتحليل البيانات، وإعادة تصميم المواقع لتكون أكثر قربًا من تجربة المستخدم، كلها خطوات لا بد منها لصحافة إلكترونية قوية، معاصرة، ومؤثرة. ولعل المستقبل سيكون فقط لمن يملك الجرأة على التغيير والقدرة على التجديد.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي