جريدة البديل السياسي: جمال التودي
المفاتيح الثلاثة لإصلاح أعطاب الجسم السياسي باقليم تاونات.ا
.من عجائب الامور وغرائب الاحداث التي تميز المشهد السياسي باقليم تاونات، هي تنامي ظاهرة الفساد الانتخابي، وشيوع الامية في اوساط المدبرين المحليين، بالإضافة الى البلقنة السياسية التي تجعل من الممارسة الديمقراطية عند المواطنين، مجرد “كليشيهات” تؤثث الفضاء العام، عند كل محطة انتخابية، لكون الناخب والمنتخب تحكمهما مجموعة من الهواجس المتناقضة، يصعب تحديدها بناء على محددات منطقية، لان المشهد السياسي بالاقليم تنخره اعطاب كثيرة استشرت في الجسم الحزبي بالاقليم، بحيث استعصى معه تحديد وصفة ناجعة، مما يجعلنا نقتبس بعض الحلول، التي تعتبر بمثابة المفاتيح الاولية في رصد وتحليل تلك الظاهرة السياسية، بناء على المعطى الذاتي للناخب، والمحدد الابستيمولوجي لضبط الترسانة المفاهيمية، بالإضافة الى المعطى الاتفاقي للاطراف المتعاقدة في العملية الانتخابية:
- الضمير المسؤول: مهما بلغت درجة الاصلاح المؤسساتي، وكيفما وصلت التعديلات التشريعية في سن القوانين ذات جودة عالية، يبقى الرهان الفعال هو صناعة الانسان من خلال الاعتماد على المداخل التربوية والتنشئة الناجعة المساعدة على سقل التفكير المنطقي، وتدريب الافراد على الحس النقدي، لتتكون له قناعة ان الجوانب القيمية تكون اكثر رجاحة، حينما يتم الاحتكام الى الضمير اليقظ الذي يميز بين الافعال التي تعلي من قدر الانسان، والتصرفات القذرة والمنحطة التي تضع الفرد في الدرك الاسفل.
- حينما يغلب “سلطة اللوبيدو” على سلطة العقل، ويتيه في الخوض عبر ممارسات مدانة مجتمعيا، ومحظورة قانونيا، كما قد تكون مرفوضة أخلاقيا..
- تلكم مجموعة من القيم التي ترخي بظلالها على سلوك الفاعل السياسي بمدينة تاونات، لما يغوص في تدبير الشأن العام من منطلق تحقيق غايات تحكمها نزوعات انانية، تميل الى اشباع هواجسه الضيقة، بعيدا عن المشترك القيمي الذي يفرضه المخيال الجمعي، بحيث قد يتيه المدبر العمومي الغير المنضبط لمراقبة العقل والمنطق، في سراديب اللايقين كما هو الشأن بالنسبة لبعض المنتخبون المحظوظون و المستفدون من التزكيات الحزبية بدائرة تيسة تاونات.
- خاصة اذا اسندت لهم مسؤولية في تدبير الشأن المحلي أو تقلد منصب من مناصب التدبير البرلماني الذي تضعف فيه اليات المراقبة المرفقية، وتنفلت من معاقله وسائل الردع القانوني، مما يحتم عليهم كفاعلين سياسين الاحتكام الى أدوات رقابية من نوع اخر، قد تؤطرها عوامل غير مادية، أو ميكانيزمات غير محسوسة يجسدها “الانا الاعلى” الذي تلخص معالمه مجموعة من البرادغمات القيمية، المبنية على المرتكزات التربوية، و المتشبعة بأخلاقيات الممارسة السياسية الرصينة، والضوابط الانسانية الحكيمة..هنا تحضر ملكة الفهم السليم للامور، وينحو المدبر العمومي تجاه ترجيح منطق المراقبة الذاتية التي تعطي لكل تصرفاته شرعية الادراك ومشروعية التنفيذ، تحت يافطة “الضمير المسؤول” كما جاء في احد خطب جلالة الملك نصره الله.. 2. المدخل التعاقدي/الاتفاقي:
- أخطر فخ قد يسقط فيه رجل السياسة باقليم تاونات هو عدم الوفاء بما التزم به مع الكتلة الناخبة التي وثقت فيه، بحيث تعتبر العملية الانتخابية بمثابة تعاقد بين الناخبين والمنتخبين، وبالتالي يستوجب على على مدبر الشأن العام ان يكون على قدر المسؤولية، و هذا ما لم نلاحظ في سياسيينا المبجلون باقليم تاونات الذين أعمى بصيرتهم اطماع انانية على مصالح المواطنون، حينما عطلوا قطار التنمية بالاقليم و نكثوا التزاماتهم مع المواطنون..
- فحسب المفكر الانجليزي جون لوك الذي يقر بأن للمواطنين حق فسخ التعاتد مع السياسي الذي نكث العقد، ولم يحترم بنود العقد السياسي الذي جسدته العملية الانتخابية من خلال تقديم برنامجه الانتخابي عبر استجابة المواطن لدعوته السياسية، عندما صوت لصالح ذلك البرنامج..
- هنا تتوافق ارادة الناخب التاوناتي والمنتخب الجشع ، ويصبح هذا المدبر العمومي ملزم بالايفاء بالعهد، لان المواطن خول له التصرف بناء على شروط مضبوطة حددها العقد الاجتماعي، كما أطرها جون جاك روسو.
- حينما أقر مجموعة من المحددات الاتفاقية التي تصبح ملزمة لرجل السياسة، ولكن نجد هذه المرتكزات السياسية تجهلها جل الاحزاب باقليم تاونات، بل الاكثر من ذلك يتفنن الفاعل الانتخابي الغير المؤهل سياسيا بهذه المدينة المنكوبة على خرق كل تعهداته، طيلة فترة الولاية الانتخابية، بدون حسيب ولا رقيب..
- المدخل الابستيمولوجي: من الامور الواجب استيعابها من طرف المواطن ورجال السياسة على حد سواء، هو الادراك العميق للترسانة المفاهمية.
- والمصطلحات السياسية التي تؤطر العملية الانتخابية بصفة خاصة، والمشهد السياسي بالاقليم بصفة عامة، لان اهم المداخل التي من شانها تفسير الممارسة السياسية واعطاء البعد المعرفي للحملة الانتخابية التي ترهن مصير الساكنة هو الفهم الصحيح للمقرابة الابستيمولوجية التي تغوص في فهم سيكولوجية الانسان المسيس، الذي يدخل غمار العملية الانتخابية.
- مما يفرض عليه التحلي ببعض الادوات المعرفية التي من شأنها تسهيل التفاعل الواعي عبر تملك الميكانيزمات التفكير العملي، الذي يوضح مجموعة من المصطلحات والمفاهيم المستعملة اثناء العملية الانتخابية، بعيدا عن التضليل الديماغوجي لمحترفي الانتخابات، الشيء الذي يستوحب التركيز على طبيعة المعرفة التي تروج عبر تمرير قاموس يفتقد للضبط مما يعطي نتائج مغايرة قد تفتقد للمنطق حسب المفكر “لالاند”، لكون الانتخابات في رمتها يستخدم فيها منطق الانزياح عن المعنى، خاصة في مناطق الهامش الذين يحولون الحملة الانتخابية من ممارسة سياسية.
- تندرج في سياق التأسيس لمرحلة التدبير العمومي، الى محطة تاخد مسار “الاحتفالية”، وتتحول الى عرس من خلال استعمال طقوس شعبوية من طرف رجال السياسة الذين يفتقدون لثقافة التدبير العمومي، كما يمكن اعتبار الحملة الانتخابية بمثابة تمرين ديمقراطي، ينبغي فيها استخضار القواميس المعرفية للانساق للتوجهات الفكرية للاحزاب، والقطع مع بعض الممارسات الهجينة التي تجعل من العملية الانتخابية مجرد محطة احتفالية، بمنطق “الزرود” وتبادل الهدايا حلالا وحراما..!!
- بالفعل لقد تحولت تلك الحملات الانتخابية الى حلبات للصراع الطائفي، بدل المنافسة السياسية المبنية على البرامج والاهداف لكون مدينة تاونات يجاذبها المنطق القبلي الذي يفرغ العملية السياسية من محتواها التنموي..
- لكن فاقد الشي لا يعطيه، على اعتبار ان الفاعل السياسي بهذا الاقليم يحتمي تحت مظلة الجهل والامية التي تعفيه من الخوض في الحقول المعرفية وتحديد المفاهيم الاساسية التي يمكن التسلح بها لمواجهة مثبطات الامية المعرفية و السياسية لجل منتخبي تاونات..
- لكل هذه الاعتبارات، كنا و لا زلنا ننادي مع بعض الغيورين على حاضر و مستقبل الاقليم من أجل التأسيس لتقاليد الديمقراطية التي من شأنها الاعتماد على الطبقة التنويرية التي تحمل هم البناء و التشيد، عوض الهدم و التدمير الذي تكرسه الطبقة السياسية المترهلة الحالية..
تعليقات
0