صفقة بملياري سنتيم تثير الجدل بوكالة المياه والغابات
جريدة البديل السياسي
علمت الجريدة ، من مصادرها، أن صفقة أطلقتها الوكالة الوطنية للمياه والغابات بمبلغ يفوق ملياري سنتيم، أثارت الكثير من الجدل داخل الوكالة، حيث يتم تداول اسم الشركة التي ستفوز بالصفقة داخل أروقة ومكاتب الوكالة، وتتعلق هذه الصفقة باقتناء 7510 أفرنة للتدفئة سيتم توزيعها في نهاية شهر مارس المقبل، أي مع اقتراب حلول فصل الصيف.
وحسب وثائق حصلت عليها الجريدة، أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات عن طلب عروض مفتوح دولي تحت رقم 08/ANEF/2024 من أجل شراء أفرنة محسنة لفائدة سبع مديريات جهوية بكلفة تقديرية تناهز 20 مليونا و300 ألف درهم. وحسب دفتر تحملات الصفقة، سيتم توزيع هذه الأفرنة على ساكنة المناطق الجبلية المجاورة للغابات، من أجل استعمالها في التدفئة والطهي خلال فترة البرد، لكن دفتر التحملات يحدد تاريخ تسليم هذه الأفرنة بعد ثلاثة أشهر من تاريخ فتح الأظرفة المحدد في 19 دجنبر المقبل، وسيتزامن تاريخ التسليم مع نهاية شهر مارس المقبل، ما يطرح أسئلة حول استعمال أفرنة التدفئة خلال هذه الفترة، مع اقتراب حلول فصلي الربيع والصيف.
وأفادت مصادر من الوكالة بأن لا أحد يجادل في أهمية هاته الأفرنة في تخفيف الضغط على الموارد الغابوية، سيما حطب التدفئة، لكن طريقة صرف الأموال العمومية المرصودة لهاته الغاية تطرح العديد من التساؤلات. وأوضح المصدر أنه في السابق كانت المديريات الإقليمية للمياه والغابات تعلن عن مثل هذه الصفقات، حسب احتياجات المناطق المعنية، وكانت أثمنة الأفرنة لا تتجاوز 1500 درهم، وكانت تستفيد مقاولات محلية من هذه الصفقات.
وأضاف المصدر ذاته أن طلب العروض المعلن عنه يهم سبع مديريات جهوية كلها تتوفر على صفة أمر بالصرف مساعد، وكان من الأجدر تخصيص ميزانية لكل مديرية جهوية من أجل أن تباشر بنفسها مسطرة التوريدات حتى تنال كل جهة نصيبها من الميزانية المرصودة ويستفيد منها الاقتصاد المحلي، ولكي يتم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام المقاولات الصغرى والمتوسطة في الولوج إلى الصفقات العمومية وتشجيع المقاولات المحلية عبر عروض قادرة على المشاركة فيها، ذلك أن تجميع توريدات سبع مديريات جهوية في طلب عروض واحد أدى إلى اشتراط مبلغ ضخم للضمان المؤقت الخاص للمشاركة في طلب العروض والمحدد في مبلغ 400 ألف درهم، مما يقصي شريحة واسعة من المقاولات المتوسطة ويحد من التنافسية.
وحسب الوثائق، فإن مضامین نظام الاستشارة الخاص بطلب العروض وخاصة المادة 9 الفقرة (B) لا تضمن تحقيق مبدأ التنافسية الشفافة ولا تكافؤ الفرص، وذلك لأن مضمون هذه الفقرة يلزم المشارك بالإدلاء بشهادات مرجعية تتعلق حصرا بتوريدات أفران محسنة لا تقل قيمتها عن نصف قيمة طلب العروض في سنة وهو ما يحصر المشاركة في مقاولة دون غيرها، وهي المقاولة التي نالت صفقة السنة الماضية بدون طلب العروض، بمبلغ يفوق مليارا و400 مليون سنتيم، لاقتناء 5800 فرن تم استيرادها من دولة لبنان.
وحددت المادة 6 من دفتر التحملات الخاصة مدة الإنجاز في 3 أشهر وهو ما يدفع إلى طرح العديد من التساؤلات، لأنه إذا كانت هاته الأفران غير متواجدة في السوق ويتعين صنعها بعد نيل الصفقة، وبالتالي يتعلق الأمر بتوريدات غير متداولة (Prestations non courantes)، فإنه يستحيل منطقيا توريد هذه الكمية في ظرف 3 أشهر، إذ يتعين على المقاولة صنع 84 فرنا يوميا وعلى مدار الساعة لمدة 90 يوما متواصلة، وإذا كانت هاته الأفران متواجدة في السوق فإن الأمر يتعلق بتوريدات متداولة ( Prestations courantes) وبالتالي فإن مقتضيات المادة 9 الفقرة (B) تخالف مقتضيات المادة 28 الفقرة (B) من المرسوم الخاص بالصفقات العمومية.
وتعتزم مجموعة من المقاولات مراسلة اللجنة الوطنية للطلبيات العموميـة للطعن في دفتر تحملات الصفقة، خاصة أن الوكالة عمدت إلى تجميع توريدات سبع مديريات جهوية في طلب عروض واحد وبحصة فريدة، مع العلم أن مرسوم الصفقات العمومية يتيح إمكانية تقسيمه إلى حصص تضمن أوسع مشاركة ممكنة للمقاولات، واعتبرت تحديد مدة الإنجاز في ثلاثة أشهر لتوريد 7510 من الأفران، بمثابة إقصاء غير مباشر لمجموعة من المقاولات المحلية المتوسطة، وكشفت المقاولات عن اسم الشركة التي ستفوز بالصفقة، لأن شروط دفتر التحملات مفصلة على مقاس هذه المقاولة بعينها دون غيرها، خاصة أن الوكالة الوطنية للمياه والغابات أبرمت في سنة 2023 صفقة تفاوضية مع إحدى الشركات، تم بموجبها استيراد الأفران من لبنان، في ضرب للسياسة الحكومية الرامية إلى تشجيع علامة «صنع بالمغرب»، وتتعارض مع توجهات الحكومة بتشجيع المقاولات الوطنية، وتم تبرير اللجوء إلى صفقة تفاوضية، خلال السنة الماضية، لاقتناء هذه الأفرنة بوجود طابع الاستعجال لتزامنها مع زلزال الحوز، حيث تم توزيعها على سكان المناطق المتضررة بالزلزال، لكن هذه السنة اشترطت الوكالة على المقاولين توفرهم على مليار سنتيم فما فوق في الشهادة المرجعية، وتخص الأفرنة فقط، وهو أمر مستحيل بالنسبة لجل المقاولات، ما عدا شركة واحدة سبق أن نالت صفقة «لبنان»، لأنها الوحيدة التي تتوفر على هذا الشرط التعجيزي، كما أن الصور والمقاسات المنصوص عليها في دفتر تحملات الصفقة متطابقة مع الصور الإشهارية المنشورة بالموقع الإلكتروني للشركة المستوردة لهذا النوع من الأفرنة.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار