البديل الدولي

أكسل بلعباسي القيادي في حركة تحرير القبائل (الماك)

النظام الجزائري يعادي كل ما هو أمازيغي والأمازيغية لا تدرس رغم أنها موجودة في الحياة اليومية للجزائريين

لدينا كل الدلائل على أن النظام الجزائري هو من قام بالحرائق في 2021 بآلياته الحديثة التي استعملها في حرق نصف بلاد القبائل

 

أكسل بلعباسي، أحد أبرز قيادات حركة تحرير القبائل (الماك) التي تناضل من أجل تقرير مصير منطقة القبائل في الجزائر، يُعد شخصية مثيرة للجدل وصوتًا بارزًا للقضية القبائلية، ومن أبرز المدافعين عنها على الساحة الدولية. يُعرف أكسل بلعباسي بمواقفه الحازمة تجاه النظام الجزائري، الذي يتهمه بممارسة الإبادة الثقافية والسياسية ضد شعب القبائل. بلعباسي، الذي يعيش في المنفى، يواصل نضاله السلمي عبر المحافل الدولية، مؤكدًا التزامه بتحقيق العدالة لشعبه رغم التضييقات والاتهامات التي تطوله من السلطات الجزائرية.

 

في هذا الحوار مع «الأخبار»، يكشف بلعباسي عددا من مسارات النضال من أجل قضية الشعب القبائلي، الطامح إلى تقرير مصيره والانعتاق من وطأة القمع والتهميش التي ظل يرزح تحتها منذ عقود.

 

 

 

 

حينما نتكلم عن منطقة القبايل، نحن بصدد الحديث عن منطقة لها خصوصية تاريخية وثقافية واجتماعية.. ما أبرز تجليات هذه الخصوصية بنظركم؟

 

 

القبائل لديها كل المقومات لتكون شعبا، منها الخصوصيات الثقافية ومنها التقاليد واللغة، وأيضا تاريخيا، فالأمر يتعلق بشعب يمتد إلى قرون من الوجود التاريخي، وهذه من بين الشروط كي نقول عن مجموعة بشرية إنها تكون شعبا أم لا. فالشعب القبائلي لديه كل هذه الخصوصيات، وأخيرا في محكمة في إنجلترا تمت المصادقة على وثيقة تؤكد أن القبائليين يمثلون شعبا، ومن ثم فلديهم الحق في تقرير المصير.

 

ومن بين الخصوصيات، نذكر مثلا اللغة، فنحن لغتنا تسمى باللغة القبائلية (التقبايليت). فهذه اللغة، حتى وإن كانت تنتمي للغة الأم، التي هي الأمازيغية، مختلفة عن اللغات الأمازيغية الأخرى، بحيث هناك شعوب أمازيغية أخرى نستطيع أن نتفاهم معها في الكلام لكن فقط في حدود 30 في المئة. والأمازيغية، مثلها مثل اللغة اللاتينية، أم للغات واشتقت منها لغات عديدة، من بينها اللغة القبائلية.

 

هناك أيضا تشابه في العادات والتقاليد مع شعوب من شمال إفريقيا، لكن ثمة خصوصيات في اللباس، في المعيشة اليومية وطريقة تطبيق الديانات… إذ دائما هناك خصوصية قبايلية واختلاف مع التقاليد الأخرى الموجودة في كل منطقة شمال إفريقيا والساحل، بحيث لما ندقق فيها سنجد هناك شيئا اسمه تقاليد وعادات قبائلية.

 

والشيء الأكثر أهمية هو التاريخ؛ فوجودنا التاريخي بالوثائق والمراجع التاريخية العديدة، ومنها الفرنسية والإسبانية والعثمانية، كلها تقر بأن هناك مناطق تسمى ببلاد القبائل، وهناك شعب يعيش تحت سلطة واحدة، ومنها نذكر مملكة كوكو أو مملكة أثعباس، وهما مملكتان عاشتا في فترة من العام 1500 إلى سنة 1857. وهو تاريخ سقوط القبائل تحت الاستعمار الفرنسي، حيث تم ضمها إلى المقاطعة الفرنسية التي سميت في ذلك الوقت من طرف الفرنسيين بالمقاطعة الجزائرية، وهنا، إذا عدنا إلى التاريخ، سنكتشف وجود بلاد القبائل قبل نشأة الجزائر، وهذا يعطينا الشرعية اليوم بأن نطالب باسترجاع سيادتنا، ليس الانفصال كما يريد التسويق لذلك الطرف الجزائري، ولكن نحن نقول باسترجاع سيادة كانت موجودة وفقدناها في 1857.

 

 

 

نضالكم من أجل الاستقلال كان ولا يزال سلميا، لكن النظام الجزائري نهج سياسة الحديد والنار معكم. كيف يمكنك توصيف الوضع الآن، خاصة بعد إعلان نيويورك؟

 

 

 

بالطبع الوضعية سيئة جدا، والوصف مختصر لوضعية الشعب القبائلي وبلاد القبائل حاليا هو سجن مفتوح فقط. هناك مئات المساجين اليوم بالسجون الجزائرية، وهناك العشرات محكوم عليهم بالإعدام، وهناك آلاف من القبايليين كتاب ومثقفون لا يستطيعون الخروج من بلاد القبائل، وآلاف آخرون موجودون خارج الديار لا يستطيعون الدخول وإذا دخلوا سيسجنون. اليوم بلاد القبائل تعيش وضعية سيئة، إبادة حقيقية من طرف النظام الجزائري، بحيث نرى كل عام أن هناك نيرانا تندلع ويحرق بها القبائليون أمام صمت دولي للأسف الشديد. والخطير في ذلك أنه يتم إشعال النيران في منطقة القبائليين لإجبارهم على ترك أراضي القبائل، ثم يتم اتهام القبائليين أنفسهم، وبالطبع المغرب أيضا وإسرائيل، بالوقوف وراء هذه الحرائق. فهناك تصفية عرقية اليوم تحصل في بلاد القبائل ونحن ننتظر البلدان التي تؤمن بالحرية والمنظمات الدولية أن تتدخل وتوقف الجزائر عند حدها بسبب هذه التصرفات العدوانية التي تمارسها ضد الشعب القبائلي.

 

 

 

لم لا يتم إدراج ملفكم في إطار الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي بالأمم المتحدة؟ ولماذا هناك جمود في تحديد هذه الأقاليم من حيث التعداد، في حين أن منطقتكم، مثلا، كانت مجالا سلطويا مستقلا لحقب طويلة؟ لم هذه المعايير المجحفة؟ وكيف يمكن تجاوزها؟

 

 

 

نعم هذا مؤسف جدا، فقضية القبائل لم تدرج لحد الآن لدى اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، لأن ذلك يحتاج إلى مساندة رسمية على الأقل من بلد واحد يتبنى القضية لتسجيلها باللجنة الرابعة. ونحن بصدد العمل على ذلك لإيجاد أصدقاء وحلفاء يستطيعون مساعدتنا في ذلك. نعم هناك إجحاف كبير لأننا نرى قضايا وهمية اليوم مسجلة في اللجنة الرابعة، لكن قضيتنا بعدالتها التاريخية والحالية لحد الآن لم تجد مكانا في الأمم المتحدة، ونحن بصدد العمل على ذلك لإيجاد صداقات وتحالفات لتسجيل قضيتنا في المستقبل القريب في اللجنة الرابعة.

 

 

 

سعت الجزائر والبوليساريو إلى إجراءات قضائية ضد المغرب، خاصة في أوروبا، لماذا لا تلجؤون إلى المحاكم الأوروبية لإحراج النظام العسكري الجزائري؟

 

 

 

لما نتكلم عن القضايا التي ترفعها البوليساريو ضد المغرب، فهي في الحقيقة ليست البوليساريو بل الجزائر هي التي تقف وراءها وتقوم بكل ذلك، وتدعم دبلوماسيا وماديا. وهي من تقوم بكل شيء، البوليساريو هي فقط واجهة. أما نحن فليس لنا أي دعم رسمي أو من منظمة دولية، وحتى لو رفعنا بعض القضايا فنحن نعلم جيدا أن رفع القضايا لا يكفي ما دام لا يوجد هناك لوبي أو بلد يساعدك على القيام بذلك، فمن الصعب جدا اختراق المنظمات الدولية.

 

 

 

هل تعتقدون أن إعلان الدولة مسألة صحية في الوقت الذي تطالبون فيه بتقرير المصير، خاصة أن تجربة البوليساريو تنم عن سعي مسبق من الجزائر للانفصال؟ وهل تعتقدون أن عدم اعتراف الدول بكم، ومنها المغرب، يعود إلى هذا السبب؟

 

 

 

السبب في عدم اعتراف المغرب رسميا بنا لا أعرفه. هذا سؤال يجب أن يطرح على السلطات المغربية، لكن إلى حد الآن لم نعلن عن استقلال القبائل، من طرف واحد. نحن فقط قمنا، في أبريل من العام الفارط بأمريكا، بالإعلان عن ميلاد للدولة القبائلية، مرة أخرى، لكن ليس الاستقلال. نحن لا زلنا حكومة مؤقتة موجودة في المنفى، لكن لحد الآن لم نعلن عن الدولة. يمكن أن يكون ذلك في 2025، إن لم تكن هناك استجابة من طرف النظام الجزائري للجلوس على الطاولة، ونحن بصدد المحادثة مع الأصدقاء والذين من الممكن أن يتعاطفوا مع قضيتنا، لنرى ما هو موقفهم من ذلك وكيف سيستجيبون إن كان هناك إعلان رسمي عن استقلالنا في القبائل، من ثم سنتخذ القرار النهائي للخطوات المقبلة.

 

 

 

هل ستقبلون بالحكم الذاتي الموسع إذا اقترح عليكم؟

 

 

 

في ما يخص الحكم الذاتي فهو شيء من الماضي، نحن بدأنا نضالنا سنة 2001 بالمطالبة بالحكم الذاتي حتى 2010 وتأسيس أول حكومة قبائلية مؤقتة. أما اليوم فالمطلب الوحيد هو الاستفتاء وليترك للشعب القبائلي أن يقرر إن أراد الاستقلال أو يبقى جزائريا. أما الحكم الذاتي فهو ليس مدرجا ضمن المطالب التي ندعو إلى تلبيتها.

 

 

 

الدستور الجزائري لسنة 2020 اعتبر اللغة الأمازيغية لغة وطنية رسمية، لكن هل يمكن القول إن الأمازيغية حققت وجودها الطبيعي في المدرسة والثقافة والإعلام والحياة اليومية؟

 

 

 

يجب أن نعلم أن الأمازيغية ليس لديها أي معنى في الجزائر، واليوم النظام الجزائري أصبح يستعملها فقط لإسكات القبائليين المطالبين باستقلالهم، ولذر الرماد في العيون؛ فلا توجد أي أمازيغية على المستوى الميداني، بل النظام الجزائري يعادي كل ما هو أمازيغي، فالأمازيغية لا تدرس، وهي موجودة في الحياة اليومية للجزائريين ولا يعترف بها كليا. نعم موجودة في الدستور، لكن موجودة بطريقة مجحفة جدا جدا، ونحن هذا النضال تجاوزناه، والذي كان موجودا في فترة معينة قبل 2001، وهناك أمازيغ موجودون في الجزائر فليناضلوا من أجل الأمازيغية، فقد ناضلنا لسنوات وقدمنا الكثير واليوم نترك الأمازيغ الآخرين إن أرادوا أن يناضلوا، أما نحن فنضالنا فقط هو من أجل استقلال بلاد القبائل.

 

 

 

سبق للقضاء الفرنسي أن أوقفك، ليتم الإفراج عنك بعدها بيوم، كما أن هناك مطالب من النظام الجزائري لفرنسا بتسليمك. كيف تقيم التعامل الفرنسي مع قيادات الحركة بالنظر للضغط الكبير الذي تمارسه الجزائر؟

 

 

 

نعم هناك مذكرة توقيف دولية أصدرتها الجزائر منذ شتنبر 2021، بعد الحرائق التي قام بها النظام الجزائري في بلاد القبائل، وتم حرق أكثر من 500 قبائلي أحياء، واتهمت حركة «الماك» والمغرب وإسرائيل بالوقوف وراء هذه الحرائق. لكن في الأخير خرجوا بمذكرة توقيف دولية وبعثوا بها للعديد من الدول والمنظمات، ومنها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، واستدعيت في يونيو 2024 من الشرطة الفرنسية وبت ليلة في مخفر الشرطة وتم تقديمي للمحكمة 24 ساعة بعد ذلك، وأخبروني بأن الجزائر تتهمني بالوقوف وراء حرائق بلاد القبائل ومقتل الشاب جمال إسماعيل، وكانت هناك جلسات عديدة للمحاكمة وتم منعي من مغادرة فرنسا وصادروا كل أوراقي، لكن كما ترون أنا الآن موجود في أكادير بالمغرب، وهذا ما يبين أني استرجعت كل أوراقي والعدالة أزالت كل القيود عني، فهذا يؤكد أن الادعاء الجزائري فارغ تماما، ولم يقدم أي دليل، وحتى لو أن المحاكمة لم تنته لحد الآن فهناك جلسة بتاريخ 18 دجنبر المقبل ستكون مواجهة بيني وبين النظام الجزائري، لنرى إن كان سيقدم أي دليل، لأن العدالة الفرنسية طالبته بذلك ومنحته مهلة شهرين لتقديم كل الدلائل. ونحن من جهتنا لدينا كل الدلائل على أن النظام الجزائري هو من قام بالحرائق، من فيديوهات وشهود عيان موجودين يؤكدون أن النظام الجزائري بآلياته من درون وآليات حديثة استعملها وحرق نصف بلاد القبائل في 2021. لذلك سنقدم من جهتنا كل هذا للعدالة الفرنسية وأنا مقتنع بأن العدالة الفرنسية حرة وستنصفنا في الأخير، ونحن نبحث منذ مدة عن إظهار الحقيقة عمن وقف وراء هذه الحرائق، وفي دجنبر سنعلم هل أكسل بلعباسي مع حركة «الماك» والمغرب وإسرائيل من حرق منطقة القبائل أم النظام الجزائري بأجهزته ومخابراته.

 

 

 

 

 

 

 

هناك تصفية عرقية اليوم تحصل في بلاد القبائل ونحن ننتظر البلدان التي تؤمن بالحرية والمنظمات الدولية أن تتدخل وتوقف الجزائر عند حدها بسبب هذه التصرفات العدوانية التي تمارسها ضد الشعب القبائلي

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار