أبناؤنا المراهقون وألعاب الفيديو: (ثانيا: الآثار السلبية والعلاج)

جريدة البديل السياسي :
تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال: الجوانب الإيجابية لألعاب الفيديو، لكن هذه الجوانب لا تنفي الوجه السلبي شديد الخطورة لألعاب الفيديو، وتتباين أضرار ألعاب الفيديو ما بين أمراض عضوية ونفسية واجتماعية، وقد حذرت عدد من الدراسات من مغبة الإفراط في استخدام تلك الألعاب؛ نظرا لما تتسبب به من مخاطر. مطالبين في الوقت ذاته أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم المراهقين أثناء اللعب. وترتبط التأثيرات السيئة لألعاب الفيديو في الغالب بحجم اللعب ومحتوى اللعبة، وفيما يلي جملة من هذه الآثار:
1- أضرار صحية:
إفراط المراهقين والأطفال في ممارسة ألعاب الفيديو والكمبيوتر: ساهم في قلة عدد حركات شد المعدة، وانخفاض قوة الذراعين، وضعف قوة قبضة اليد، وذلك حينما استبدل الأطفال معظم الأنشطة البدنية التي تمارس خارج المنزل بهذه الألعاب.
ونشرت مجلة "بيدياتريكا اكتا" البريطانية على شبكة الإنترنت: أن نتائج الدراسة أوضحت أن الأطفال يخسرون قوتهم البدنية بسبب قضائهم وقتا طويلا داخل المنزل، وانهماكهم في لعب الكمبيوتر، بدلا من الألعاب والأنشطة التي تستدعي قوة بدنية، كالركض، وتسلق الأشجار، وركوب الدراجات.
كما أن كثرة الجلوس للعب: تزيد من احتمالية إصابة الأطفال بأمراض السمنة والبدانة المبكرة؛ بسبب زيادة معدلات الدهون بالجسم، دون القيام بأي نشاط بدني لحرقها. ويشير بعض الخبراء إلى: أن الكتلة العضلية للطفل المدمن على ألعاب الفيديو: تنخفض بنسبة 27% عن الطفل العادي؛ مما يهدد بعدد من الأخطار المستقبلية.
كما أن استعمال ألعاب الفيديو في وقت مبكر من العمر: تهدد باضطرابات النمو، وتزيد من خطر استهلاك الطفل للأطعمة الدسمة والدهنية؛ لتعويض النوم، بالإضافة إلى زيادة تركيز الجلوكوز بالدم، نتيجة الجلوس لفترات طويلة.
2- تعليم العنف:
أغلب الألعاب الإلكترونية: تعتمد على العنف والعدوان، عن طريق الاستمتاع بقتل الآخرين، والاعتداء عليهم دون وجه حق، فتعلم الطفل حيل وأساليب ارتكاب الجريمة، كما تؤدى إلى تبلد المشاعر، وقسوة القلب، فلا يخاف من المشاهد المخيفة أو البشعة، كما يصاب الطفل بالقلق ويفقد الطمأنينة والأمن. فقد أثبتت الدراسات أن 22 ألفا من 30 ألف لعبة، تعتمد تماما على العنف والجريمة والقتل؛ لهذا تؤثر تلك الألعاب على عقلية الطفل، وتزيد من السلوكيات العدوانية لديهم، حيث تكون أكثر ضرراً من أفلام العنف بالتليفزيون.
3- الترويج للإباحية:
قد يرى المراهق في بعض الألعاب: مشاهد غير لائقة، تفسد عقليته، وتجعله في حيرة من أمره، كما تساعد في ترويج الفاحشة بين الأطفال والمراهقين، إذ إن هناك الكثير من الألعاب الإلكترونية التي تروج للأفكار الإباحية.
وتتحدث أحد الأمهات المهتمة برعاية أبنائها، ومتابعة ما يشاهدونه أو يمارسونه من ألعاب، عن أحد هذه الألعاب. فتقول: إنها شاهدت ابنها البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، يلعب بأحد ألعاب الفيديو، ولفت نظرها مشهد، بل صدمها هذا المشهد، وحاول ابنها أن يقنعها أن اللعبة (بريئة) وأنها تدور حول المصارعة فقط. ولكنها أخذت منه اللعبة وقرأت ما هو موجود على الغطاء، فوجدته كالتالي: (تتمتع فتيات الديفاس بنشاط جنسي قوي للغاية، أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً عندما يرتدين حمالات للصدر من اللون نفسه للقطعة الداخلية الأخرى، وذلك للقضاء على العدو الحقيقي وطرده من أروقة الجنة)!! هذه الأم تقول أيضاً: إن اسم اللعبة سماك داون في مواجهة رو Smack Down Versus Rawومصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
4- الإدمان على الألعاب:
عندما يكرر الطفل لعبته المفضلة: يبدأ في التعود عليها، ومن ثم إدمانها بإفراط؛ لأنه يجد فيها ما يشد انتباهه، وقد تمت مناقشة مصطلح "الألعاب الباثولوجية" أو إدمان ألعاب الفيديو على نطاق واسع في الدوائر الطبية، على الرغم من أنه لم يتم تصنيف إدمانها بعد على أنه اضطراب رسمي، في الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM).
5- ضعف الأداء الأكاديمي:
هذا هو واحد من الآثار الجانبية لألعاب الفيديو على المراهقين، فقد يؤثر تشغيل ألعاب الفيديو لساعات طويلة على أداء ابنك المراهق في المدرسة، وتشير الدراسات إلى أن الطالب كلما قضى وقتًا أطول في ممارسة هذه الألعاب: ضعف أداؤه في المدرسة "Gentile, Lynch & Walsh, 2004"، وجدت دراسة جامعة " Argosy" بقسم علم النفس المهني في ولاية "Minnesota" أن مدمني هذه الألعاب يجادلون كثيرًا أساتذتهم بالجامعة، ويدخلون في نزاع مع أصدقائهم، ودرجاتهم أقل من بقية الطلاب غير مدمني هذه الألعاب، وتشير دراسات أخرى إلى أن اللاعبين يؤخرون واجباتهم المنزلية؛ بسبب ممارسة هذه الألعاب، واعترف العديد منهم أن عاداتهم بممارسة هذه الألعاب أدت إلى انخفاض درجاتهم بالمدرسة.
6- العزلة الاجتماعية:
كثير من الألعاب قد تجعل الأطفال أكثر عزلة اجتماعيًّا، ويقضي وقتًا أقل في القيام بأعمال المنزل، والقراءة، والرياضة والتفاعل مع أفراد الأسرة والأصدقاء. ومن جهة أخرى أجرى الباحثون من جامعة "North Carolina State" وجامعة "New York" وجامعة " Ontario Institute Of Technology" دراسة تشير إلى أن اللعبة لا تحل محل الحياة الاجتماعية.
كيف تجنبين ابنك مخاطر ألعاب الفيديو:
1- لا تقومي بتركيب جهاز ألعاب فيديو في غرفة نوم ابنك.
2- ضعي حدودًا للوقت الذي يقضيه المراهق في لعب ألعاب الفيديو.
3- انظرى على غلاف كل لعبة قبل شرائها لطفلك، واقرأى إرشادات السلامة المكتوبة عليها، حول نوع اللعبة، وكيفية استخدامها، وأيضا العمر المناسب لها كي لا تؤذى طفلك دون قصد.
4- تحدثي مع ابنك عن اللعبة التي يحبها، واكتشاف سبب تعلقه بها، ومن ثم مشاركة الطفل تلك اللعبة لإحياء روح الصداقة بداخله من جديد، وبذلك تستطيعين مراقبة تلك اللعبة والسيطرة عليه في أي وقت.
5- تحدثي مع الأمهات الآخرين لمعرفة المزيد عن ألعاب الفيديو، وتبادلن الأفكار لمساعدة بعضكن البعض على فهم الأبناء.
6- ابدأى بمشاركة طفلك مع أصدقائه في الألعاب الجماعية، وحاولي قدر المستطاع إبعاده عن الألعاب الفردية، ليتكون لديه حب المجتمع والأصدقاء والبعد عن العزلة والاكتئاب.
7- يجب تعود الطفل منذ الصغر على ممارسة التمارين الرياضية، التي تحافظ على رشاقة جسمه، كما تخرج الطاقة الكامنة بداخله في شيء مفيد بعيدا عن تخريجه في لعبة عدوانية.
8- اقرأى لطفلك ليلا قصصا مسلية، لغرس حب القراءة بداخله، فيبدأ بالانجذاب لها، ولا يقتصر وقت الترفيه على الألعاب غير المفيدة فقط.
9- التقليل من وقت اللعب عندما يؤخر الطفل واجباته المنزلية، وتنخفض درجاته بالمدرسة.
10- رصد تأثير الألعاب على الطفل، مراقبة سلوكه، فإذا أصبح أكثر عدوانية مع أشقائه وزملائه أثناء ممارسة الألعاب: يجب وقفه عن اللعب، وإذا تعلم شيئًا مفيدًا في لعبة ما: نشجعه على هذه اللعبة.
11- في حال الفشل في الحد من إدمان ابنك على ألعاب الفيديو، وعدم القدرة على السيطرة عليه: لا بد من استشارة أخصائي تربوي، واتباع الإرشادات التي يوجهك لها.
ختاما:
نؤكد أن ممارسة الأطفال والمراهقين الألعاب الإلكترونية: تحتاج إلى رقابة الوالدين، والتعرف على محتويات هذه الألعاب، سواء كانت ألعابًا عنيفة، أم ذات محتوى جنسي، ويجب على الوالدين أن يحرصا على شراء الألعاب التعليمية التي تنمي المهارات التي يحتاجها طلاب المدارس، ولا تستطيع المناهج المدرسية أن تنميها في الطلاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار